و أنا متكئ على قبر فقال لا تؤذ صاحب القبر إسناده صحيح و هو دال على أن المراد بالجلوس القعود على حقيقته ورد ابن حزم التأويل المتقدم بأن لفظ حديث أبي هريرة عند مسلم لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده قال و ما عهدنا أحدا يقعد على ثيابه للغائط فدل على أن المراد القعود على حقيقته و قال ابن بطال التأويل المذكور بعيد لأن الحدث على القبر أقبح من أن يكره و إنما يكره الجلوس المتعارف (قوله حدثنا يحيى) قال أبو علي الجيان لم أره منسوبا لأحد من المشايخ (قلت) قد نسبه أبو نعيم في المستخرج يحيى بن جعفر و جزم أبو مسعود في الأطراف و تبعه المزي بأنه يحيى بن يحيى و وقع في رواية أبي علي بن شبويه على الفربري حدثنا يحيى بن موسى و هذا هو المعتمد و قد تقدم الكلام على حديث ابن عباس في كتاب الوضوء بما فيه مقنع بعون الله تعالى و الله أعلم (قوله باب موعظة المحدث عند القبر و قعود أصحابه حوله) كأنه يشير إلى التفصيل بين أحوال القعود فإن كان لمصلحة تتعلق بالحي أو الميت لم يكره و يحمل النهي الوارد عن ذلك على ما يخالف ذلك (قوله يخرجون من الأجداث الأجداث القبور) أي المراد بالأجداث في الآية القبور و قد وصله ابن أبي حاتم و غيره من طريق قتادة و السدي و غيرهما و أحدها جدث بفتح الجيم و المهملة (قوله بعثرت أثيرت بعثرت حوضي جعلت أسفله أعلاه) هذا كلام أبي عبيدة في كتاب المجاز و قال السدي بعثرت أي حركت فخرج ما فيها رواه ابن أبي حاتم (قوله الا يفاض) بياء تحتانية ساكنة قبلها كسرة و بفاء و معجمة (الإسراع) كذا قال الفراء في المعاني و قال أبو عبيدة يوفضون أي يسرعون (قوله و قرأ الأعمش إلى نصب) يعني بفتح النون كذا للأكثر و في رواية أبي ذر بالضم و الأول أصح و كذا ضبطه الفراء عن الأعمش في كتاب المعاني و هي قراءة الجمهور و حكى الطبراني أنه لم يقرأه بالضم الا الحسن البصري و قد حكى الفراء عن زيد بن ثابت ذلك و نقلها غيره عن مجاهد و أبي عمران الجوني و في كتاب السبعة لابن مجاهد قرأها ابن عامر بضمتين يعني بلفظ الجمع و كذا قرأها حفص عن عاصم و من هنا يظهر سبب تخصيص الأعمش بالذكر لأنه كوفي و كذا عاصم ففي انفراد حفص عن عاصم بالضم شذوذ قال أبو عبيدة النصب بالفتح هو العلم الذي نصبوه ليعبدوه و من قرأ نصب بالضم فهي جماعة مثل رهن و رهن (قوله يوفضون إلى شئ منصوب يستبقون) قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا مسلم بن إبراهيم عن قرة عن الحسن في قوله إلى نصب يوفضون أي يبتدرون أيهم يستلمه أول (قوله و النصب واحد و النصب مصدر) كذا وقع فيه و الذي في المعاني للفراء النصب و النصب واحد و هو مصدر و الجمع الأنصاب و كأن التغيير من بعض النقلة (قوله يوم الخروج من قبورهم) أي خروج أهل القبور من قبورهم (قوله و ينسلون يخرجون) كذا أورده عبد بن حميد و غيره عن قتادة و سيأتي له معنى آخر أن شاء الله تعالى و في نسخة الصغاني بعد قوله يخرجون من النسلان و هذه التفاسير أوردها لتعلقها بذكر القبر استطراد أولها تعلق بالموعظة أيضا قال الزين بن المنير مناسبة إيراد هذه الآيات في هذه الترجمة للإشارة إلى أن المناسب لمن قعد عند القبر أن يقصر كلامه على الإنذار بقرب المصير إلى القبور ثم إلى النشر لاستيفاء العمل
(١٧٩)