هريرة استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه ثم أورد المصنف حديث ابن عباس في قصة القبرين و ليس فيه للغيبة ذكر و إنما ورد بلفظ النميمة و قد تقدم الكلام عليه مستوفى في الطهارة و قيل مراد المصنف أن الغيبة تلازم النميمة لأن النميمة مشتملة على ضربين نقل كلام المغتاب إلى الذي اغتابه و الحديث عن المنقول عنه بما لا يريده قال ابن رشيد لكن لا يلزم من الوعيد على النميمة ثبوته على الغيبة وحدها لأن مفسدة النميمة أعظم و إذا لم تساوها لم يصح الإلحاق إذ لا يلزم من التعذيب على الأشد التعذيب على الأخف لكن يجوز أن يكون ورد على معنى التوقع و الحذر فيكون قصد التحذير من المغتاب لئلا يكون له في ذلك نصيب انتهى و قد وقع في بعض طرق هذا الحديث بلفظ الغيبة كما بيناه في الطهارة فالظاهر أن البخاري جرى على عادته في الإشارة إلى ما ورد في بعض طرق الحديث والله أعلم (قوله باب الميت يعرض عليه مقعده بالغداة و العشي) أورد فيه حديث ابن عمر أن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة و العشي قال ابن التين يحتمل أن يريد بالغداة و العشي غداة واحدة و عشية واحدة يكون العرض فيها و معنى قوله حتى يبعثك الله أي لا تصل إليه إلى يوم البعث و يحتمل أن يريد كل غداة و كل عشي و هو محمول على أنه يحيا منه جزء ليدرك ذلك فغير ممتنع أن تعاد الحياة إلى جزء من الميت أو أجزاء و تصح مخاطبته و العرض عليه انتهى و الأول موافق للأحاديث المتقدمة قبل بابين في سياق المساءلة و عرض المقعدين على كل أحد و قال القرطبي يجوز أن يكون هذا العرض على الروح فقط و يجوز أن يكون عليه مع جزء من البدن قال و المراد بالغداة و العشي وقتهما و إلا فالموتى لا صباح عندهم ولا مساء قال و هذا في حق المؤمن و الكافر واضح فأما المؤمن المخلط فيحتمل في حقه أيضا لأنه يدخل الجنة في الجملة ثم هو مخصوص بغير الشهداء لأنهم أحياء و أرواحهم تسرح في الجنة و يحتمل أن يقال إن فائدة العرض في حقهم تبشير أرواحهم باستقرارها في الجنة مقترنة بأجسادها فإن فيه قدرا زائدا على ما هي فيه الآن (قوله إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة) اتحد فيه الشرط و الجزاء لفظا ولا بد فيه من تقدير قال التوربشتي التقدير إن كان من أهل الجنة فمقعد من مقاعد أهل الجنة يعرض عليه و قال الطيبي الشرط و الجزاء إذا اتحدا لفظا دل على الفخامة و المراد أن يرى بعد البعث من كرامة الله ما ينسيه هذا المقعد انتهى و وقع عند مسلم بلفظ إن كان من أهل الجنة فالجنة أي فالمعروض الجنة و في هذا الحديث إثبات عذاب القبر و أن الروح لا تفنى بفناء الجسد لأن العرض لا يقع إلا على حي و قال ابن عبد البر استدل به على أن الأرواح على أفنية القبور قال و المعنى عندي أنها قد تكون على أفنية قبورها لا أنها لا تفارق الأفنية بل هي كما قال مالك إنه بلغه أن الأرواح تسرح حيث شاءت (قوله حتى يبعثك الله يوم القيامة) في رواية مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة و حكى ابن عبد البر فيه الاختلاف بين أصحاب مالك و أن الأكثر رووه كرواية البخاري و أن ابن القاسم رواه كرواية مسلم قال و المعنى حتى يبعثك الله إلى ذلك المقعد و يحتمل أن يعود الضمير إلى الله فإلى الله ترجع الأمور و الأول أظهر اه و يؤيده رواية الزهري عن سالم عن أبيه بلفظ ثم يقال هذا مقعدك الذي تبعث إليه يوم القيامة أخرجه مسلم و قد أخرج النسائي رواية ابن القاسم لكن لفظه كلفظ البخاري (قوله باب
(١٩٣)