مائتا شاة وشاتان فيكون عليهما فيها ثلاث شياه فيفرقونها حتى لا يكون على كل واحد إلا شاة واحدة وقال الشافعي هو خطاب لرب المال من جهة وللساعي من جهة فأمر كل واحد منهم أن لا يحدث شيا من الجمع والتفريق خشية الصدقة فرب المال يخشى أن تكثر الصدقة فيجمع أو يفرق لتقل والساعي يخشى أن تقل الصدقة فيجمع أو يفرق لتكثر فمعنى قوله خشية الصدقة أي خشية أن تكثر الصدقة أو خشية أن تقل الصدقة فلما كان محتملا للأمرين لم يكن الحمل على أحدهما بأولى من الآخر فحمل عليهما معا لكن الذي يظهر أن حمله على المالك أظهر والله أعلم واستدل به على أن من كان عنده دون النصاب من الفضة ودون النصاب من الذهب مثلا أنه لا يجب ضم بعضه إلى بعض حتى يصير نصابا كاملا فتجب فيه الزكاة خلافا لمن قال يضم على الأجزاء كالمالكية أو على القيم كالحنفية واستدل به لأحمد على أن من كان له ماشية ببلد لا تبلغ النصاب كعشرين شاة مثلا بالكوفة ومثلها بالبصرة أنها لا تضم باعتبار كونها ملك رجل واحد وتؤخذ منها الزكاة لبلوغها النصاب قاله ابن المنذر وخالفه الجمهور فقالوا يجمع على صاحب المال أمواله ولو كانت في بلدان شتى ويخرج منها الزكاة واستدل به على إبطال الحيل والعمل على المقاصد المدلول عليها بالقرائن وأن زكاة العين لا تسقط بالهبة مثلا والله أعلم (قوله باب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية) اختلف في المراد بالخليط كما سيأتي فعند أبي حنيفة أنه الشريك قال ولا يجب على أحد منهم فيما يملك إلا مثل الذي كان يجب عليه لو لم يكن خلط وتعقبه ابن جرير بأنه لو كان تفريقها مثل جمعها في الحكم لبطلت فائدة الحديث وإنما نهى عن أمر لو فعله لكانت فيه فائدة قبل النهي ولو كان كما قال لما كان لتراجع الخليطين بينهما بالسوية معنى (قوله يتراجعان) قال الخطابي معناه أن يكون بينهما أربعون شاة مثلا لكل واحد منهما عشرون قد عرف كل منهما عين ماله فيأخذ المصدق من أحدهما شاة فيرجع المأخوذ من ماله على خليطه بقيمة نصف شاة وهذه تسمى خلطة الجوار (قوله وقال طاوس وعطاء الخ) هذا التعليق وصله أبو عبيده في كتاب الأموال قال حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار عن طاوس قال إذا كان الخليطان يعلمان أموالهما لم يجمع مالهما في الصدقة قال يعني ابن جريج فذكرته لعطاء فقال ما أراه إلا حقا وهكذا رواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن شيخه وقال أيضا عن ابن جريج قلت لعطاء ناس خلطاء لهم أربعون شاة قال عليهم شاة قلت فلواحد تسعة وثلاثون شاة ولآخر شاة قال عليهما شاة (قوله وقال سفيان لا تجب حتى يتم لهذا أربعون شاة ولهذا أربعون شاة) قال عبد الرزاق عن الثوري قولنا لا يجب على الخليطين شئ إلا أن يتم لهذا أربعون ولهذا أربعون انتهى وبهذا قال مالك وقال الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث إذا بلغت ماشيتهما النصاب زكيا والخلطة عندهم أن يجتمعا في المسرح والمبيت والحوض والفحل والشركة أخص منهما وفي جامع سفيان الثوري عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية (قلت) لعبيد الله ما يعني بالخليطين قال إذا كان المراح واحدا والراعي واحدا والدلو واحدا ثم أورد المصنف طرفا من حديث أنس المذكور وفيه لفظ الترجمة واختلف في المراد بالخليط فقال أبو حنيفة هو الشريك واعترض عليه بأن الشريك قد لا يعرف عين ماله وقد قال إنهما
(٢٤٩)