النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن المنير في الحاشية يحمل الأمر في مثل هذا على أنها مرصدة للنفع العام فتكون للغني في معنى الهدية وللفقير صدقة وفيه أنه لا يكره طلب السقي من الغير ولا رد ما يعرض على المرء من الإكرام إذا عارضته مصلحة أولى منه لأن رده لما عرض عليه العباس مما يؤتى به من نبيذ لمصلحة التواضع التي ظهرت من شربه مما يشرب منه الناس وفيه الترغيب في سقي الماء خصوصا ماء زمزم وفيه تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وحرص أصحابه على الاقتداء به وكراهة التقذر والتكره للمأكولات والمشروبات قال ابن المنير في الحاشية وفيه أن الأصل في الأشياء الطهارة لتناوله صلى الله عليه وسلم من الشراب الذي غمست فيه الأيدي (قوله باب ما جاء في زمزم) كأنه لم يثبت عنده في فضلها حديث على شرطه صريحا وقد وقع في مسلم من حديث أبي ذر أنها طعام طعم زاد الطيالسي من الوجه الذي أخرجه منه مسلم وشفاء سقم وفي المستدرك من حديث ابن عباس مرفوعا ماء زمزم لما شرب له رجاله موثقون إلا أنه اختلف في إرساله ووصله وإرساله أصح وله شاهد من حديث جابر وهو أشهر منه أخرجه الشافعي وابن ماجة ورجاله ثقات إلا عبد الله بن المؤمل المكي فذكر العقيلي أنه تفرد به لكن ورد من رواية غيره عند البيهقي من طريق إبراهيم بن طهمان ومن طريق حمزة الزيات كلاهما عن أبي الزبير بن سعيد عن جابر ووقع في فوائد ابن المقري من طريق سويد بن سعيد عن ابن المبارك عن ابن أبي الموالي عن ابن المنكدر عن جابر وزعم الدمياطي أنه على رسم الصحيح وهو كما قال من حيث الرجال إلا أن سويدا وإن خرج له مسلم فإنه خلط وطعنوا فيه وقد شذ بأسناده والمحفوظ عن ابن مبارك عن ابن المؤمل وقد جمعت في ذلك جزءا والله أعلم وسميت زمزم لكثرتها يقال ماء زمزم أي كثير وقيل لاجتماعها نقل عن ابن هشام وقال أبو زيد الزمزمة من الناس خمسون ونحوهم وعن مجاهد إنما سميت زمزم لأنها مشتقة من الهزمة والهزمة الغمز بالعقب في الأرض أخرجه الفاكهي بإسناد صحيح عنه وقيل لحركتها قاله الحربي وقيل لأنها زمت بالميزان لئلا تأخذ يمينا وشمالا وستأتي قصتها في شأن إسماعيل وهاجر في أحاديث الأنبياء وقصة حفر عبد المطلب لها في أيام الجاهلية إن شاء الله تعالى (قوله وقال عبدان) سيأتي في أحاديث الأنبياء أتم منه بلفظ وقال لي عبدان وأورده هنا مختصرا وقد وصله الجوزقي بتمامه عن الدغولي عن محمد بن الليث عن عبدان بطوله وقد تقدم الكلام عليه في أوائل الصلاة والمقصود منه هنا قوله ثم غسله بماء زمزم (قوله حدثنا محمد) في رواية أبي ذر هو ابن سلام والفزاري هو مروان بن معاوية وغلط من قال هو أبو إسحق وعاصم هو بن سليمان الأحول قال ابن بطال وغيره أراد البخاري أن الشرب من ماء زمزم من سنن الحج وفي المصنف عن طاوس قال شرب نبيذ السقاية من تمام الحج وعن عطاء لقد أدركته وأن الرجل ليشربه فتلزق شفتاه من حلاوته وعن ابن جريج عن نافع أن ابن عمر لم يكن يشرب من النبيذ في الحج فكأنه لم يثبت عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب منه لأنه كان كثير الإتباع للآثار أو خشي أن يظن الناس أن ذلك من تمام الحج كما نقل عن طاوس (قوله فحلف عكرمة ما كان يومئذ إلا على بعير) عند ابن ماجة من هذا الوجه قال عاصم فذكرت ذلك لعكرمة فحلف بالله ما فعل أي ما شرب قائما لأنه كان حينئذ راكبا انتهى وقد تقدم أن عند أبي داود من رواية عكرمة عن ابن عباس أنه أناخ فصلى
(٣٩٤)