و ساق حديثه مقرونا برواية خليفة عن يزيد بن زريع على لفظ خليفة و سيأتي مفردا في عذاب القبر عن عياش بن الوليد بلفظه و ما فيه من زيادة و يأتي الكلام عليه مستوفى هناك أن شاء الله و قوله هنا إذا وضع في قبره و تولى و ذهب أصحابه كذا ثبت في جميع الروايات فقال ابن التين أنه كرر اللفظ و المعنى واحد و رأيته أنا مضبوطا بخط معتمد و تولى بضم أوله و كسر اللام على البناء للمجهول أي تولى أمره أي الميت و سيأتي في رواية عياش بلفظ و تولى عنه أصحابه و هو الموجود في جميع الروايات عند مسلم و غيره (قوله باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها) قال الزين بن المنير المراد بقوله أو نحوها بقية ما تشد إليه الرحال من الحرمين و كذلك ما يمكن من مدافن الأنبياء و قبور الشهداء و الأولياء تيمنا بالجوار و تعرضا للرحمة النازلة عليهم اقتداء بموسى عليه السلام انتهى و هذا بناء على أن المطلوب القرب من الأنبياء الذين دفنوا ببيت المقدس و هو الذي رجحه عياض و قال المهلب إنما طلب ذلك ليقرب عليه المشي إلى المحشر و تسقط عنه المشقة الحاصلة لمن بعد عنه ثم أورد المصنف حديث أبي هريرة أرسل ملك الموت إلى موسى الحديث بطوله من طريق معمر عن ابن طاوس عن أبيه عنه و لم يذكر فيه الرفع و قد ساقه في أحاديث الأنبياء من هذا الوجه ثم قال و عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم نحوه و قد ساقه مسلم من طريق معمر بالسندين كذلك و قوله فيه رمية بحجر أي قدر رمية حجر أي أدنني من مكان إلى الأرض المقدسة هذا القدر أو أدنني إليها حتى يكون بيني و بينها هذا القدر و هذا الثاني أظهر و عليه شرح ابن بطال و غيره و أما الأول فهو و أن رجحه بعضهم فليس بجيد إذ لو كان كذلك لطلب الدنو أكثر من ذلك و يحتمل أن يكون القدر الذي كان بينه و بين أول الأرض المقدسة كان قدر رمية فلذلك طلبها لكن حكى ابن بطال عن غيره أن الحكمة في أنه لم يطلب دخولها ليعمى موضع قبره لئلا تعبده الجهال من ملته انتهى و يحتمل أن يكون سر ذلك أن الله لما منع بني إسرائيل من دخول بيت المقدس و تركهم في التيه أربعين سنة إلى أن أفناهم الموت فلم يدخل الأرض المقدسة مع يوشع الا أولادهم و لم يدخلها معه أحد ممن امتنع أولا أن يدخلها كما سيأتي شرح ذلك في أحاديث الأنبياء و مات هارون ثم موسى عليهما السلام قبل فتح الأرض المقدسة على الصحيح كما سيأتي واضحا أيضا فكأن موسى لما لم يتهيأ له دخولها لغلبة الجبارين عليها و لا يمكن نبشه بعد ذلك لينقل إليها طلب القرب منها لأن ما قارب الشئ يعطي حكمه و قيل إنما طلب موسى الدنو لأن النبي يدفن حيث يموت و لا ينقل و فيه نظر لأن موسى قد نقل يوسف عليهما السلام معه لما خرج من مصر كما سيأتي ذلك في ترجمته إن شاء الله تعالى و هذا كله بناء على الاحتمال الثاني و الله أعلم و اختلف في جواز نقل الميت من بلد إلى بلد فقيل يكره لما فيه من تأخير دفنه و تعريضه لهتك حرمته و قيل يستحب و الأولى تنزيل ذلك على حالتين فالمنع حيث لم يكن هناك غرض راجح كالدفن في البقاع الفاضلة و تختلف الكراهة في ذلك فقد تبلغ التحريم و الاستحباب حيث يكون ذلك بقرب مكان فاضل كما نص الشافعي على استحباب نقل الميت إلى الأرض الفاضلة كمكة و غيرها و الله أعلم (قوله باب الدفن بالليل) أشار بهذه الترجمة إلى الرد على من منع ذلك محتجا بحديث جابر أن النبي صلى الله عليه و سلم زجر أن يقبر الرجل ليلا الا أن يضطر إلى ذلك أخرجه ابن حبان لكن بين مسلم في روايته
(١٦٦)