الجرح حتى يفضي إلى الهلاك ولو كان ذلك هو الملحوظ لقيد الذي كرهه به كأن يقول الإشعار الذي يفضي بالجرح إلى السراية حتى تهلك البدنة مكروه فكان قريبا وقد كثر تشنيع المتقدمين على أبي حنيفة في إطلاقه كراهة الإشعار وانتصر له الطحاوي في المعاني فقال لم يكره أبو حنيفة أصل الإشعار وإنما كره ما يفعل على وجه يخاف منه هلاك البدن كسراية الجرح لا سيما مع الطعن بالشفرة فأراد سد الباب عن العامة لأنهم لا يراعون الحد في ذلك وأما من كان عارفا بالسنة في ذلك فلا وفي هذا تعقب على الخطابي حيث قال لا أعلم أحدا كره الإشعار إلا أبا حنيفة وخالفه صاحباه فقالا بقول الجماعة انتهى وروي عن إبراهيم النخعي أيضا أنه كره الإشعار ذكر ذلك الترمذي قال سمعت أبا السائب يقول كنا عند وكيع فقال له رجل روي عن إبراهيم النخعي أنه قال الإشعار مثلة فقال له وكيع أقول لك أشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول قال إبراهيم ما أحقك بأن تحبس انتهى وفيه تعقب علي ابن حزم في زعمه أنه ليس لأبي حنيفة في ذلك سلف وقد بالغ ابن حزم في هذا الموضع ويتعين الرجوع إلى ما قال الطحاوي فإنه أعلم من غيره بأقوال أصحابه * (تنبيه) * اتفق من قال بالإشعار بإلحاق البقر في ذلك بالإبل إلا سعيد بن جبير واتفقوا على أن الغنم لا تشعر لضعفها ولكون صوفها أو شعرها يستر موضع الإشعار وأما على ما نقل عن مالك فلكونها ليست ذات أسمة والله أعلم (قوله باب من قلد القلائد بيده) أي الهدايا وله حالان إما أن يسوق الهدي ويقصد النسك فإنما يقلدها ويشعرها عند إحرامه وإما أن يسوقه ويقيم فيقلدها من مكانه وهو مقتضى حديث الباب وسيأتي بيان ما يقلد به بعد باب والغرض بهذه الترجمة أنه كان عالما بابتداء التقليد ليترتب عليه ما بعده قال ابن التين يحتمل أن يكون قول عائشة ثم قلدها بيده بيانا لحفظها للأمر ومعرفتها به ويحتمل أن تكون أرادت أنه صلى الله عليه وسلم تناول ذلك بنفسه وعلم وقت التقليد ومع ذلك فلم يمتنع من شئ يمتنع منه المحرم لئلا يظن أحد أنه استباح ذلك قبل أن يعلم بتقليد الهدي (قوله عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم) كذا للأكثر وسقط عمرو من رواية أبي ذر وعمرة هي خالة عبد الله الراوي عنها والإسناد كله مدنيون إلا شيخ البخاري (قوله أن زياد بن أبي سفيان) كذا وقع في الموطأ وكأن شيخ مالك حدث به كذلك في زمن بني أمية وأما بعدهم فما كان يقال له إلا زياد بن أبيه وقيل استلحاق معاوية له كان يقال له زياد بن عبيد وكانت أمه سمية مولاة الحرث بن كلدة الثقفي تحت عبيد المذكور فولدت زيادا على فراشه فكان ينسب إليه فلما كان في خلافة معاوية شهد جماعة على إقرار أبي سفيان بأن زيادا ولده فاستلحقه معاوية لذلك وزوج ابنه ابنته وأمر زيادا على العراقين البصرة والكوفة جمعهما له ومات في خلافة معاوية سنة ثلاث وخمسين * (تنبيه) * وقع عند مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك في هذا الحديث أن ابن زياد بدل قوله أن زياد بن أبي سفيان وهو وهم نبه عليه الغساني ومن تبعه قال النووي وجميع من تكلم على صحيح مسلم والصواب ما وقع في البخاري وهو الموجود عند جميع رواة الموطأ (قوله حتى ينحر هديه) زاد مسلم في روايته وقد بعثت بهدي فاكتبي إلي بأمرك زاد الطحاوي من رواية ابن وهب عن مالك أو مري صاحب الهدي أي الذي معه الهدي أي بما يصنع (قوله قالت عمرة) هو بالسند المذكور وقد روى الحديث المرفوع عن عائشة القاسم وعروة كما مضى
(٤٣٥)