لطواف الوداع وهي راجعة إلى المنزل الذي كان به قال فيحتمل أنه أعاد طواف الوداع لأن منزله كان بالأبطح وهو بأعلى مكة وخروجه من مكة إنما كان من أسفلها فكأنه لما توجه طالبا للمدينة اجتاز بالمسجد ليخرج من أسفل مكة فكرر الطواف ليكون آخر عهده بالبيت انتهى والقاضي في هذا معذور لأنه لم يشاهد تلك الأماكن فظن أن الذي يقصد الخروج إلى المدينة من أسفل مكة يتحتم عليه المرور بالمسجد وليس كذلك كما شاهده من عاينه بل الراحل من منزله بالأبطح يمر مجتازا من ظاهر مكة إلى حيث مقصده من جهة المدينة ولا يحتاج إلى المرور بالمسجد ولا يدخل إلى البلد أصلا قال عياض وقد وقع في رواية الأصيلي في البخاري فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن طاف بالبيت قال فلم يذكر أنه أعاد الطواف فيحتمل أن طوافه هو طواف الوداع وأن لقاءه لعائشة كان حين انتقل من المحصب كما عند عبد الرزاق أنه كره أن يقتدي الناس بإناخته بالبطحاء فرحل حتى أناخ على ظهر العقبة أو من ورائها ينتظرها قال فيحتمل أن يكون لقاؤه لها كان في هذا الرحيل وأنه المكان الذي عنته في رواية الأسود بقوله لها موعدك بمكان كذا وكذا ثم طاف بعد ذلك طواف الوداع انتهى وهذا التأويل حسن وهو يقتضي أن الرواية التي عزاها للأصيلي مسكوت عن ذكر طواف الوداع فيها وقد بينا أن الصواب فيها فمر بالبيت فطاف به بدل قوله ومن طاف بالبيت ثم في عزو عياض ذلك إلى الأصيلي وحده نظر فإن كل الروايات التي وقفنا عليها في ذلك سواء حتى رواية إبراهيم بن معقل النسفي عن البخاري والله أعلم (قوله موجها) بضم الميم وفتح الواو وتشديد الجيم وفي رواية ابن عساكر متوجها بزيادة تاء وبكسر الجيم وقد تقدمت مباحث هذا الحديث قريبا (قوله باب يفعل بالعمرة ما يفعل بالحج) في رواية المستملي يفعل في العمرة وللكشميهني ما يفعل في الحج أي من التروك لا من الأفعال أو المراد بعض الأفعال لا كلها والأول أرجح لما يدل عليه سياق حديث يعلى بن أمية وقد تقدم تقريره في أوائل الحج مع مباحثه (قوله كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي فأنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم) لم أقف في شئ من الروايات على بيان المنزل حينئذ من القرآن وقد استدل به جماعة من العلماء على أن من الوحي ما لا يتلى لكن وقع عند الطبراني في الأوسط من طريق أخرى أن المنزل حينئذ قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله ووجه الدلالة منه على المطلوب عموم الأمر بالإتمام فإنه يتناول الهيئات والصفات والله أعلم (قوله وأنق الصفرة) بفتح الهمزة وسكون النون ووقع للمستملي هنا بهمزة وصل ومثناة مشددة من التقوى قال صاحب المطالع وهي أوجه وإن رجعا إلى معنى واحد ووقع لابن السكن اغسل أثر الخلوق وأثر الصفرة والأول هو المشهور ثم ذكر المصنف في الباب حديث عائشة في قوله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله ووجه الدلالة منه اشتراك الحج والعمرة في مشروعية السعي بين الصفا والمروة لقوله تعالى فمن حج البيت أو اعتمر وقد تقدمت مباحثه مستوفاة في باب وجوب الصفا والمروة في أثناء الحج وقوله أن لا يطوف بهما في رواية الكشميهني بينهما (قوله زاد سفيان وأبو معاوية عن
(٤٨٩)