السبب في ذلك و لفظه أن النبي صلى الله عليه و سلم خطب يوما فذكر رجلا من أصحابه قبض و كفن في كفن غير طائل و قبر ليلا فزجر أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه الا أن يضطر إنسان إلى ذلك و قال إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه فدل على أن النهي بسبب تحسين الكفن و قوله حتى يصلي عليه مضبوط بكسر اللام أي النبي صلى الله عليه و سلم فهذا سبب آخر يقتضي أنه إن رجى بتأخير الميت إلى الصباح صلاة من ترجى بركته عليه استحب تأخيره و إلا فلا و به جزم الطحاوي و استدل المصنف للجواز بما ذكره من حديث ابن عباس و لم ينكر النبي صلى الله عليه و سلم دفنهم إياه بالليل بل أنكر عليهم عدم اعلامهم بأمره و أيد ذلك بما صنع الصحابة بأبي بكر و كان ذلك كالاجماع منهم على الجواز و قد تقدم الكلام على حديث ابن عباس قريبا و أما أثر أبي بكر فوصله المصنف في أواخر الجنائز في باب موت يوم الاثنين من حديث عائشة و فيه و دفن أبو بكر قبل أن يصبح و لابن أبي شيبة من حديث القاسم بن محمد قال دفن أبو بكر ليلا و من حديث عبيد بن السباق أن عمر دفن أبا بكر بعد العشاء الآخرة و صح أن عليا دفن فاطمة ليلا كما سيأتي في مكانه (قوله باب بناء المسجد على القبر) أورد فيه حديث عائشة في لعن من بنى على القبر مسجدا و قد تقدم الكلام عليه قبل ثمانية أبواب قال الزين بن المنير كأنه قصد بالترجمة الأولى اتخاذ المساجد في المقبرة لأجل القبور بحيث لولا تجدد القبر ما أتخذ المسجد و يؤيده بناء المسجد في المقبرة على حدته لئلا يحتاج إلى الصلاة فيوجد مكان يصلى فيه سوى المقبرة فلذلك نحا به منحى الجواز انتهى و قد تقدم أن المنع من ذلك إنما هو حال خشية أن يصنع بالقبر كما صنع أولئك الذين لعنوا و أما إذا أمن ذلك فلا امتناع و قد يقول بالمنع مطلقا من يرى سد الذريعة و هو هنا متجه قوي (قوله باب من يدخل قبر المرآة) اورده فيه حديث أنس في دفن بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم و نزول أبي طلحة في قبرها و قد تقدم الكلام عليه مستوفى في باب الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه (قوله قال ابن المبارك) تقدم هناك أن الإسماعيلي وصله من طريقه و وقع في رواية أبي الحسن القابسي هنا قال أبو المبارك بلفظ الكنية و نقل أبو علي الجياني عنه أنه قال أبو المبارك كنية محمد بن سنان يعني راوي الطريقة الموصولة و تعقبه بأن محمد بن سنان يكنى أبا بكر بغير خلاف عند أهل العلم بالحديث و الصواب ابن المبارك كما في بقية الطرق (قوله ليقترفوا ليكتسبوا) ثبت هذا في رواية الكشميهني و هذا تفسير ابن عباس أخرجه الطبراني من طريق علي بن أبي طلحة عنه قال في قوله تعالى و ليقترفوا ما هم مقترفون ليكتسبوا ما هم مكتسبون و في هذا مصير من البخاري إلى تأييد ما قاله ابن المبارك عن فليح أو أراد أن يوجه الكلام المذكور و أن لفظ المقارفة في الحديث أريد به ما هو أخص من ذلك و هو الجماع (قوله باب الصلاة على الشهداء) قال الزين بن المنير أراد باب حكم الصلاة على الشهيد و لذلك أورد فيه حديث جابر الدال على نفيها و حديث عقبة الدال على إثباتها قال و يحتمل أن يكون المراد باب مشروعية الصلاة على الشهيد في قبره لأجل دفنه عملا بظاهر الحديثين قال و المراد بالشهيد قتيل المعركة في حرب الكفار انتهى و كذا المراد بقوله بعد من لم ير غسل الشهيد و لا فرق في ذلك بين المرأة و الرجل صغيرا أو كبيرا حرا أو عبدا صالحا أو غير صالح و خرج بقوله المعركة من جرح في القتال و عاش بعد ذلك حياة مستقرة و خرج بحرب
(١٦٧)