ذلك ما إذا كان البيان وفق المبين لا زائدا عليه ولا ناقصا عنه أما إذا انتفى شئ من أفراد العام مثلا فيمكن التمسك به كحديث أبي سعيد هذا فإنه دل على النصاب فيما يقبل التوسيق وسكت عما لا يقبل التوسيق فيمكن التمسك بعموم قوله فيما سقت السماء العشر أي مما لا يمكن التوسيق فيه عملا بالدليلين وأجاب الجمهور بما روي مرفوعا لا زكاة في الخضراوات رواه الدارقطني من طريق علي وطلحة ومعاذ مرفوعا وقال الترمذي لا يصح فيه شئ إلا مرسل موسى بن طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو دال على أن الزكاة إنما هي فيما يكال مما يدخر للاقتيات في حال الاختيار وهذا قول مالك والشافعي وعن أحمد يخرج من جميع ذلك ولو كان لا يقتات وهو قول محمد وأبي يوسف وحكى ابن المنذر الإجماع على أن الزكاة لا تجب فيما دون خمسة أوسق مما أخرجت الأرض إلا أن أبا حنيفة قال تجب في جميع ما يقصد بزراعته نماء الأرض إلا الحطب والقصب والحشيش والشجر الذي ليس له ثمر انتهى وحكى عياض عن داود أن كل ما يدخل فيه الكيل يراعى فيه النصاب وما لا يدخل فيه الكيل ففي قليله وكثيره الزكاة وهو نوع من الجمع بين الحديثين المذكورين والله أعلم وقال ابن العربي أقوى المذاهب وأحوطها للمساكين قول أبي حنيفة وهو التمسك بالعموم قال وقد زعم الجويني أن الحديث إنما جاء لتفصيل ما تقل مما تكثر مؤنته قال ابن العربي لا مانع أن يكون الحديث يقتضي الوجهين والله أعلم (قوله كما روى الخ) أي كما أن المثبت مقدم على النافي في حديثي الفضل وبلال وحديث الفضل أخرجه أحمد وغيره وحديث بلال سيأتي موصولا في كتاب الحج أن شاء الله تعالى (تكميل) اختلف في هذا النصاب هل هو تحديد أو تقريب وبالأول جزم أحمد وهو أصح الوجهين للشافعية إلا إن كان نقصا يسيرا جدا مما لا ينضبط فلا يضر قاله ابن دقيق العيد وصحح النووي في شرح مسلم أنه تقريب واتفقوا على وجوب الزكاة فيما زاد على الخمسة أوسق بحسابه ولا وقص فيها (قوله باب ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) أورد فيه حديث أبي سعيد وقد تقدم ذكره في باب زكاة الورق وذكر فيه قدر الوسق وقوله هنا ليس فيما أقل ما زائدة وأقل في موضع جر بفي وقد ذكره بعده بلفظ وليس في أقل (قوله باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل وهل يترك الصبي فيمس تمر الصدقة) الصرام بكسر المهملة الجداد والقطاف وزنا ومعنى وقد اشتمل هذا الباب على ترجمتين أما الأولى فلها تعلق بقوله تعالى وآتوا حقه يوم حصاده واختلفوا في المراد بالحق فيها فقال ابن عباس هي الواجبة وأخرجه ابن جرير عن أنس وقال ابن عمر هو شئ سوى الزكاة أخرجه ابن مردويه وبه قال عطاء وغيره وحديث الباب يشعر بأنه غير الزكاة وكأنه المراد بما أخرجه احمد وأبو داود من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل جاد عشرة أوسق من التمر بقنو يعلق في المسجد للمساكين وقد تقدم ذكره في باب القسمة وتعليق القنو في المسجد من كتاب الصلاة وأما الترجمة الثانية فربطها بالترك إشارة منه إلى أن الصبا وإن كان مانعا من توجيه الخطاب إلى الصبي فليس مانعا من توجيه الخطاب إلى الولي بتأديبه وتعليمه وأوردها بلفظ الاستفهام لاحتمال أن يكون النهي خاصا بمن لا يحل له تناول الصدقة (قوله كوم) بفتح الكاف وسكون الواو معروف وأصله القطعة العظيمة من الشئ والمراد به ما اجتمع من
(٢٧٧)