من لم ير غسل الشهداء) في نسخة الشهيد بالافراد أشار بذلك إلى ما روى عن سعيد بن المسيب أنه قال يغسل الشهيد لأن كل ميت يجنب فيجب غسله حكاه ابن المنذر قال و به قال الحسن البصري و رواه ابن أبي شيبة عنهما أي عن سعيد و الحسن و حكى عن ابن سريج من الشافعية و عن غيره و هو من الشذوذ و قد وقع عند أحمد من وجه آخر عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قتلى أحد لا تغسلوهم فإن كل جرح أو كل دم يفوح مسكا يوم القيامة و لم يصل عليهم فبين الحكمة في ذلك ثم أورد المصنف حديث جابر المذكور قبل مختصرا بلفظ و لم يغسلهم و استدل بعمومه على أن الشهيد لا يغسل حتى ولا الجنب و الحائض و هو الأصح عند الشافعية و قيل يغسل للجنابة لا بنية غسل الميت لما روى في قصة حنظلة بن الراهب أن الملائكة غسلته يوم أحد لما استشهد و هو جنب و قصته مشهورة رواها ابن إسحاق و غيره و روى الطبراني و غيره من حديث ابن عباس بإسناد لا بأس به عنه قال أصيب حمزة بن عبد المطلب و حنظلة بن الراهب و هما جنب فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم رأيت الملائكة تغسلهما غريب في ذكر حمزة و أجيب بأنه لو كان واجبا ما اكتفى فيه بغسل الملائكة فدل على سقوطه عمن يتولى أمر الشهيد و الله أعلم (قوله باب من يقدم في اللحد) أي إذا كانوا أكثر من واحد و قد دل حديث الباب على تقديم من كان أكثر قرآنا من صاحبه و هذا نظير تقديمه في الإمامة (قوله و سمي اللحد لأنه في ناحية) قال أهل اللغة أصل الإلحاد الميل و العدول عن الشئ و قيل للمائل عن الدين ملحد و سمي اللحد لأنه شق يعمل في جانب القبر فيميل عن وسط القبر إلى جانبه بحيث يسع الميت فيوضع فيه و يطبق عليه اللبن و أما قول المصنف بعد و لو كان مستقيما لكان ضريحا فلأن الضريح شق يشق في الأرض على الاستواء و يدفن فيه قوله ملتحدا معدلا هو قول أبي عبيدة بن المثنى في كتاب المجاز قال قوله ملتحدا أي معدلا و قال الطبري معناه و لن تجد من دونه معدلا تعدل إليه عن الله لأن قدرة الله محيطة بجميع خلقه قال و الملتحد مفتعل من اللحد يقال منه لحدت إلى كذا إذا ملت إليه انتهى و يقال لحدته و ألحدته قال الفراء الرباعي أجود و قال غيره الثلاثي أكثر و يؤيده حديث عائشة في قصة دفن النبي صلى الله عليه و سلم فأرسلوا إلى الشقاق و اللاحد الحديث أخرجه ابن ماجة ثم ساق المصنف حديث جابر من طريق ابن المبارك عن الليث متصلا و عن الأوزاعي منقطعا لأن ابن شهاب لم يسمع من جابر زاد ابن سعد في الطبقات عن الوليد بن مسلم حدثني الأوزاعي بهذا الإسناد قال زملوهم بجراحهم فإني أنا الشهيد عليهم ما من مسلم يكلم في سبيل الله الا جاء يوم القيامة يسيل دما الحديث (قوله في رواية الأوزاعي فكفن أبي و عمي في نمرة) هي بفتح النون و كسر الميم بردة من صوف أو غيره مخططه و قال الفراء هي دراعة فيها لونان سواد و بياض و يقال للسحابة إذا كانت كذلك نمرة و ذكر الواقدي في المغازي و ابن سعد إنهما كفنا في نمرتين فإن ثبت حمل على أن النمرة الواحدة شقت بينهما نصفين و سيأتي مزيد لذلك بعد بابين و الرجل الذي كفن معه في النمرة كأنه هو الذي دفن معه كما سيأتي الكلام على تسميته بعد باب (قوله و قال سليمان بن كثير الخ) هو موصول في الزهريات للذهلي و في رواية سليمان المذكور إبهام شيخ الزهري و قد تقدم البحث فيه قبل بابين قال الدارقطني في التتبع اضطرب فيه الزهري و أجيب بمنع الاضطراب لأن الحاصل من
(١٧٠)