الرواية الموافقة لحديث الليث و الله أعلم (قوله عن أبي الخير) هو اليزني و الإسناد كله بصريون و هذا معدود من أصح الأسانيد (قوله صلاته) بالنصب أي مثل صلاته زاد في غزوة أحد من طريق حياة بن شريح عن يزيد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء و الأموات و زاد فيه فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و سيأتي الكلام على الزيادة هناك أن شاء الله تعالى و كانت أحد في شوال سنة ثلاث و مات صلى الله عليه و سلم في ربيع الأول سنة إحدى عشرة فعلى هذا ففي قوله بعد ثمان سنين تجوز على طريق جبر الكسر و إلا فهي سبع سنين و دون النصف و استدل به على مشروعية الصلاة على الشهداء و قد تقدم جواب الشافعي عنه بما لا مزيد عليه و قال الطحاوي معنى صلاته صلى الله عليه و سلم عليهم لا يخلو من ثلاثة معان أما أن يكون ناسخا لم تقدم من ترك الصلاة عليهم أو يكون من سنتهم أن لا يصلي عليهم و إلا بعد هذه المدة المذكورة أو تكون الصلاة عليهم جائزة بخلاف غيرهم فإنها واجبة و أيها كان فقد ثبت بصلاته عليهم الصلاة على الشهداء ثم كأن الكلام بين المختلفين في عصرنا إنما هو في الصلاة عليهم قبل دفنهم و إذا ثبتت الصلاة عليهم بعد الدفن كانت قبل الدفن أولى انتهى و غالب ما ذكره بصدد المنع لا سيما في دعوى الحصر فإن صلاته عليهم تحتمل أمورا أخر منها أن يكون من خصائصه و منها أن تكون بمعنى الدعاء كما تقدم ثم هي واقعة عين لا عموم فيها فكيف ينتهض الاحتجاج بها لدفع حكم قد تقرر و لم يقل أحد من العلماء بالاحتمال الثاني الذي ذكره و الله أعلم قال النووي المراد بالصلاة هنا الدعاء و أما كونه مثل الذي على الميت فمعناه أنه دعا لهم بمثل الدعاء الذي كانت عادته أن يدعو به للموتى (قوله إني فرط لكم) أي سابقكم و قوله و اني و الله فيه الحلف للتأكيد الخبر و تعظيمه و قوله لأنظر إلى حوضي هو على ظاهره و كأنه كشف له عنه في تلك الحالة و سيأتي الكلام على الحوض مستوفى في كتاب الرقاق أن شاء الله تعالى و كذا على المنافسة في الدنيا (قوله ما أخاف عليكم أن تشركوا) أي على مجموعكم لأن ذلك قد وقع من البعض أعاذنا الله تعالى و في هذا الحديث معجزات للنبي صلى الله عليه و سلم و لذلك أورده المصنف في علامات النبوة كما سيأتي بقية الكلام عليه هناك أن شاء الله تعالى (قوله باب دفن الرجلين و الثلاثة في قبر) أورد فيه حديث جابر المذكور مختصرا بلفظ كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد قال ابن رشيد جرى المصنف على عادته أما بالإشارة إلى ما ليس على شرطه و أما بالاكتفاء بالقياس و قد وقع في رواية عبد الرزاق يعني المشار إليها قبل بلفظ و كان يدفن الرجلين و الثلاثة في القبر الواحد انتهى و ورد ذكر الثلاثة في هذه القصة عن أنس أيضا عند الترمذي و غيره و روى أصحاب السنن عن هشام بن عامر الأنصاري قال جاءت الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم أحد فقالوا أصابنا قرح و جهد قال احفروا و أوسعوا و اجعلوا الرجلين و الثلاثة في القبر صححه الترمذي و الظاهر أن المصنف أشار إلى هذا الحديث و أما القياس ففيه نظر لأنه لو أراده لم يقتصر على الثلاثة بل كان يقول مثلا دفن الرجلين فأكثر و يؤخذ من هذا جواز دفن المرأتين في قبر و أما دفن الرجل مع المرأة فروى عبد الرزاق بإسناد حسن عن واثلة بن الأسقع أنه كان يدفن الرجل و المرأة في القبر الواحد فيقدم الرجل و يجعل المرأة و راءه و كأنه كان يجعل بينهما حائلا من تراب ولا سيما أن كانا أجنبيين و الله أعلم (قوله باب
(١٦٩)