ثم أورد المصنف حديث علي بن أبي طالب مرفوعا ما من نفس منفوسة الا كتب مكانها من الجنة و النار الحديث و سيأتي مبسوطا في تفسير و الليل إذا يغشى و هو أصل عظيم في اثبات القدر و قوله فيه اعملوا جرى مجرى أسلوب الحكيم أي الزموا ما يجب على العبد من العبودية ولا تتصرفوا في أمر الربوبية و عثمان شيخه هو ابن أبي شيبة و جرير هو ابن عبد الحميد و موضع الحاجة منه فقعد و قعدنا حوله و قوله فقال رجل هو عمر أو غيره كما سيأتي إن شاء الله تعالى (قوله باب ما جاء في قاتل النفس) قال ابن رشيد مقصود الترجمة حكم قاتل النفس و المذكور في الباب حكم قاتل نفسه فهو أخص من الترجمة و لكنه أراد أن يلحق بقاتل نفسه قاتل غيره من باب الأولى لأنه إذا كان قاتل نفسه الذي لم يتعد ظلم نفسه ثبت فيه الوعيد الشديد فأولى من ظلم غيره بافاته نفسه قال ابن المنير في الحاشية عادة البخاري إذا توقف في شئ ترجم عليه ترجمة مبهمة كأنه ينبه على طريق الاجتهاد و قد نقل عن مالك أن قاتل النفس لا تقبل توبته و مقتضاه أن لا يصلي عليه و هو نفس قول البخاري (قلت) لعل البخاري أشار بذلك إلى ما رواه أصحاب السنن من حديث جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه و سلم أتى برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه و في رواية للنسائي أما أنا فلا أصلي عليه لكنه لما لم يكن على شرطه أومأ إليه بهذه الترجمة و أورد فيها ما يشبهه من قصة قاتل نفسه ثم أورد المصنف في الباب ثلاثة أحاديث * أحدها حديث ثابت بن الضحاك فيمن قتل نفسه بحديدة و سيأتي الكلام عليه مستوفى في الإيمان و النذور و خالد المذكور في إسناده هو الحذاء * ثانيها حديث جندب و هو ابن عبد الله الأسماء قال فيه قال حجاج بن منهال حدثنا جرير بن حازم و قد وصله في ذكر بني إسرائيل فقال حدثنا محمد حدثنا حجاج بن منهال فذكره و هو أحد المواضع التي يستدل بها على أنه ربما علق عن بعض شيوخه ما بينه و بينه فيه واسطه لكنه أورده هنا مختصرا و أورده هناك مبسوطا فقال في أوله كان فيمن كان قبلكم رجل و قال فيه فجزع فأخذ سكينا فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات و سيأتي الكلام عليه مستوفى هناك و لم اقف على تسمية هذا الرجل * ثالثها حديث أبي هريرة مرفوعا الذي يخنق نفسه يخنقها في النار و الذي يطعنها يطعنها في النار و هو من افراد البخاري من هذا الوجه و قد أخرجه أيضا في الطب من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مطولا و من ذلك الوجه أخرجه مسلم و ليس فيه ذكر الخنق و فيه من الزيادة ذكر السم و غيره و لفظه فهو من نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا و قد تمسك به المعتزلة و غيرهم ممن قال بتخليد أصحاب المعاصي في النار و أجاب أهل السنة عن ذلك بأجوبة منها توهيم هذه الزيادة قال الترمذي بعد أن أخرجه رواه محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة فلم يذكر خالدا مخلدا و كذا رواه أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يشير إلى رواية الباب قال و هو أصح لأن الروايات قد صحت أن أهل التوحيد يعذبون ثم يخرجون منها ولا يخلدون و أجاب غيره بحمل ذلك على من استحله فإنه يصير باستحلاله كافرا و الكافر مخلد بلا ريب و قيل ورد مورد الزجر و التغليظ و حقيقته غير مرادة و قيل المعنى أن هذا جزاؤه لكن قد تكرم الله على الموحدين فأخرجهم من النار بتوحيدهم و قيل التقدير مخلدا فيها إلى أن يشاء الله و قيل المراد بالخلود طول المدة لا حقيقة الدوام كأنه يقول يخلد مدة معينة و هذا ابعدها و سيأتي له مزيد بسط عند
(١٨٠)