تعالى إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها الآية) وجه تعلقها بالترجمة من جهة إضافة الربوبية إلى البلدة فإنه على سبيل التشريف لها وهي أصل الحرم (قوله أولم نمكن لهم حرما آمنا الآية) روى النسائي في التفسير أن الحرث بن مر بن نوفل قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا فأنزل الله عز وجل ردا عليه أولم نمكن لهم حرما آمنا الآية أي أن الله جعلهم في بلد أمين وهم منه في أمان في حال كفرهم فكيف لا يكون أمنا لهم بعد أن أسلموا وتابعوا الحق وأورد المصنف في الباب حديث ابن عباس أن هذا البلد حرمه الله أخرجه مختصرا وسيأتي بأتم من هذا السياق في باب لا يحل القتال بمكة ويأتي الكلام عليه مستوفى قريبا هناك إن شاء الله تعالى (قوله باب توريث دور مكة وبيعها وشرائها وأن الناس في المسجد الحرام سواء خاصة لقوله تعالى إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء الآية) أشار بهذه الترجمة إلى تضعيف حديث علقمة بن نضلة قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وما تدعى رباع مكة إلا السوائب من أحتاج سكن أخرجه ابن ماجة وفي إسناده انقطاع وارسال وقال بظاهره ابن عمر ومجاهد وعطاء قال عبد الرزاق عن ابن جريج كان عطاء ينهى عن الكراء في الحرم فأخبرني أن عمر نهى أن تبوب دور مكة لأنها ينزل الحاج في عرصتها فكان أول من بوب داره سهيل بن عمرو واعتذر عن ذلك لعمر وروى الطحاوي من طريق إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد أنه قال مكة مباح لا يحل بيع رباعها ولا إجارة بيوتها وروى عبد الرزاق من طريق إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن ابن عمر لا يحل بيع بيوت مكة ولا إجارتها وبه قال الثوري وأبو حنيفة وخالفه صاحبه أبو يوسف واختلف عن محمد وبالجواز قال الجمهور واختاره الطحاوي ويجاب عن حديث علقمة على تقدير صحته بحمله على ما سيجمع به ما اختلف عن عمر في ذلك واحتج الشافعي بحديث أسامة الذي أورده البخاري في هذا الباب قال الشافعي فأضاف الملك إليه وإلى من ابتاعها منه وبقوله صلى الله عليه وسلم عام الفتح من دخل دار أبي سفيان فهو آمن فأضاف الدار إليه واحتج ابن خزيمة بقوله تعالى للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم فنسب الله الديار إليهم كما نسب الأموال إليهم ولو كانت الديار ليست بملك لهم لما كانوا مظلومين في الإخراج من دور ليست بملك لهم قال ولو كانت الدور التي باعها عقيل لا تملك لكان جعفر وعلي أولى بها إذ كانا مسلمين دونه وسيأتي في البيوع أثر عمر أنه اشترى دارا للسجن بمكة ولا يعارض ما جاء عن نافع عن ابن عمر عن عمر أنه كان ينهى أن تغلق دور مكة في زمن الحاج أخرجه عبد بن حميد وقال عبد الرزاق عن معمر عن منصور عن مجاهد أن عمر قال يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم أبوابا لينزل البادي حيث شاء وقد تقدم من وجه آخر عن عمر فيجمع بينهما بكراهة الكراء رفقا بالوفود ولا يلزم من ذلك منع البيع والشراء وإلى هذا جنح الإمام أحمد وآخرون واختلف عن مالك في ذلك قال القاضي إسماعيل ظاهر القران يدل على أن المراد به المسجد الذي يكون فيه النسك والصلاة لا سائر دور مكة وقال الأبهري لم يختلف قول مالك وأصحابه في أن مكة فتحت عنوة واختلفوا هل من بها على أهلها لعظم حرمتها أو أقرت للمسلمين ومن ثم جاء الاختلاف في بيع دورها والكراء والراجح عند من قال أنها فتحت عنوة أن النبي
(٣٥٩)