من حنطة ويدل على أنهم لحظوا ذلك ما روى جعفر الفريابي في كتاب صدقة الفطر أن ابن عباس لما كان أمير البصرة أمرهم بإخراج زكاة الفطر وبين لهم أنها صاع من تمر إلى أن قال أو نصف صاع من بر قال فلما جاء علي ورأى رخص أسعارهم قال اجعلوها صاعا من كل فدل على أنه كان ينظر إلى القيمة في ذلك ونظر أبو سعيد إلى الكيل كما سيأتي ومن عجيب تأويله قوله أن أبا سعيد ما كان يعرف القمح في الفطرة وأن الخبر الذي جاء فيه أنه كان يخرج صاعا أنه كان يخرج النصف الثاني تطوعا وأن قوله في حديث ابن عمر فجعل الناس عدله مدين من حنطة أن المراد بالناس الصحابة فيكون إجماعا وكذا قوله في حديث أبي سعيد عند أبي داود فأخذ الناس بذلك وأما قول الطحاوي إن أبا سعيد كان يخرج النصف الآخر تطوعا فلا يخفى تكلفه والله أعلم (قوله فلما جاء معاوية) زاد مسلم في روايته فلم يزل يخرجه حتى قدم معاوية حاجا أو معتمرا فكلم الناس على المنبر وزاد ابن خزيمة وهو يومئذ خليفة (قوله وجاءت السمراء) أي القمح الشامي (قوله يعدل مدين) في رواية مسلم أرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر وزاد قال أبو سعيد أما أنا فلا أزال أخرجه أبدا ما عشت وله من طريق ابن عجلان عن عياض فأنكر ذلك أبو سعيد وقال لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي داود من هذا الوجه لا أخرج أبدا إلا صاعا وللدارقطني وابن حزيمة والحاكم فقال له رجل مدين من قمح فقال لا تلك قيمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها وقد تقدم ذكر هذه الرواية وما فيها ولابن خزيمة وكان ذلك أول ما ذكر الناس المدين وهذا يدل على وهن ما تقدم عن عمر وعثمان إلا أن يحمل على أنه كان لم يطلع على ذلك من قصتهما قال النووي تمسك بقول معاوية من قال بالمدين من الحنطة وفيه نظر لأنه فعل صحابي قد خالفه فيه أبو سعيد وغيره من الصحابة ممن هو أطول صحبة منه وأعلم بحال النبي صلى الله عليه وسلم وقد صرح معاوية بأنه رآه لا أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وفي حديث أبي سعيد ما كان عليه من شدة الإتباع والتمسك بالآثار وترك العدول إلى الإجتهاد مع وجود النص وفي صنيع معاوية وموافقة الناس له دلالة على جواز الإجتهاد وهو محمود لكنه مع وجود النص فاسد الإعتبار (قوله باب الصدقة قبل العيد) قال ابن التين أي قبل خروج الناس إلى صلاة العيد وبعد صلاة الفجر وقال ابن عيينة في تفسيره عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال يقدم الرجل زكاته يوم الفطر بين يدي صلاته فإن الله يقول قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ولابن خزيمة من طريق كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن هذه الآية فقال نزلت في زكاة الفطر ثم أخرج المصنف في الباب حديث ابن عمر وقد تقدم مطولا في الباب الأول وحديث أبي سعيد وقد تقدمت الإشارة إليه في الباب الذي قبله وقوله في الإسناد حدثنا أبو عمر هو حفص بن ميسرة وزيد هو ابن أسلم ودل حديث ابن عمر على أن المراد بقوله يوم الفطر أي أوله وهو ما بين صلاة الصبح إلى صلاة العيد وحمل الشافعي التقييد بقبل صلاة العيد على الاستحباب لصدق اليوم على جميع النهار وقد رواه أبو معشر عن نافع عن ابن عمر بلفظ كان يأمرنا أن نخرجها قبل أن نصلي فإذا انصرف قسمه بينهم وقال أغنوهم عن الطلب أخرجه سعيد بن منصور ولكن أبو معشر ضعيف ووهم ابن العربي في عزو هذه الزيادة لمسلم وسيأتي بقية حكم هذه المسئلة
(٢٩٧)