يحيى بن سعيد يعني القطان عن هذا فحدثني به عن هشام بلفظ أمرها أن توافي ليس فيه هاء قال أحمد وبين هذين فرق فإذا عرف ذلك تبين التغاير بين القصتين فإن إحداهما صلاة الصبح يوم النحر والأخرى صلاة صبح يوم الرحيل من مكة وقد أخرج الإسماعيلي حديث الباب من طريق حسان بن إبراهيم وعلي بن هاشم ومحاضر بن المورع وعبدة بن سليمان وهو عند النسائي أيضا من طريق عبدة كلهم عن هشام عن أبيه عن أم سلمة وهذا هو المحفوظ وسماع عروة من أم سلمة ممكن فإنه أدرك من حياتها نيفا وثلاثين سنة وهو معها في بلد واحد وقد تقدم الكلام على حديث أم سلمة في باب طواف النساء مع الرجال وموضع الحاجة منه هنا قوله في آخره فلم يصل حتى خرجت أي من المسجد أو من مكة فدل على جواز صلاة الطواف خارجا من المسجد إذ لو كان ذلك شرطا لازما لما أقرها النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وفي رواية حسان عند الإسماعيلي إذا قامت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك من وراء الناس وهم يصلون قالت ففعلت ذلك ولم أصل حتى خرجت أي فصليت وبهذا ينطبق الحديث مع الترجمة وفيه رد على من قال يحتمل أن تكون أكملت طوافها قبل فراغ صلاة الصبح ثم أدركتهم في الصلاة فصلت معهم صلاة الصبح ورأت أنها تجزئها عن ركعتي الطواف وإنما لم يبت البخاري الحكم في هذه المسئلة لاحتمال كون ذلك يختص بمن كان له عذر لكون أم سلمة كانت شاكية ولكون عمر إنما فعل ذلك لكونه طاف بعد الصبح وكان لا يرى التنفل بعده مطلقا حتى تطلع الشمس كما سيأتي واضحا بعد باب واستدل به على أن من نسي ركعتي الطواف قضاهما حيث ذكرهما من حل أو حرم وهو قول الجمهور وعن الثوري يركعهما حيث شاء ما لم يخرج من الحرم وعن مالك إن لم يركهما حتى تباعد ورجع إلى بلده فعليه دم قال ابن المنذر ليس ذلك أكثر من صلاة المكتوبة وليس على من تركها غير قضائها حيث ذكرها (قوله باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام) أورد فيه حديث ابن عمر الماضي قبل بابين وسيأتي الكلام عليه في أبواب العمرة وهو ظاهر فيما ترجم له وفي حديث جابر الطويل في صفة حجة الوداع عند مسلم طاف ثم تلى واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فصلى عند المقام ركعتين قال ابن المنذر احتملت قراءته أن تكون صلاة الركعتين خلف المقام فرضا لكن أجمع أهل العلم على أن الطائف تجزئه ركعتا الطواف حيث شاء إلا شيئا ذكر عن مالك في أن من صلى ركعتي الطواف الواجب في الحجر يعيد وقد تقدم الكلام على ما يتعلق بذلك مستوفى في أوائل كتاب الصلاة في باب قول الله تعالى واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى (قوله باب الطواف بعد الصبح والعصر) أي ما حكم صلاة الطواف حينئذ وقد ذكر فيه آثارا مختلفة ويظهر من صنيعه أنه يختار فيه التوسعة وكأنه أشار إلى ما رواه الشافعي وأصحاب السنن وصححه الترمذي وابن خزيمة وغيرهما من حديث جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا بني عبد مناف من ولي منكم من أمر الناس شيئا فلا يمنعن أحدا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار وإنما لم يخرجه لأنه ليس على شرطه وقد أورد المصنف أحاديث تتعلق بصلاة الطواف ووجه تعلقها بالترجمة إما من جهة أن الطواف صلاة فحكمهما واحد أو من جهة أن الطواف مستلزم لصلاة للتي تشرع بعده وهو أظهر وأشار به إلى الخلاف المشهور في المسئلة قال ابن عبد البر كره الثوري والكوفيون الطواف
(٣٩٠)