شذ بعض التابعين فأوجب قيام الليل و لو قدر حلب شاة و الذي عليه جماعة العلماء أنه مندوب إليه و نقله غيره عن الحسن و ابن سيرين و الذي وجدناه عن الحسن ما أخرجه محمد بن نصر و غيره عنه أنه قيل له ما تقول في رجل استظهر القرآن كله لا يقوم به إنما يصلي المكتوبة فقال لعن الله هذا إنما يتوسد القرآن فقيل له قال الله تعالى فاقرؤا ما تيسر منه قال نعم و لو قدر خمسين آية وكأن هذا هو مستند من نقل عن الحسن الوجوب و نقل الترمذي عن إسحاق بن راهويه أنه قال إنما قيام الليل على أصحاب القرآن و هذا يخصص ما نقل عن الحسن و هو أقرب و ليس فيه تصريح بالوجوب أيضا * ثالثها قد يظن أن بين هذا الحديث و الحديث الآتي في الوكالة من حديث أبي هريرة الذي فيه أن قارئ آية الكرسي عند نومه لا يقربه شيطان معارضة و ليس كذلك لأن العقد أن حمل على الأمر المعنوي و القرب على الأمر الحسي و كذا العكس فلا اشكال إذ لا يلزم من سحره إياه مثلا أن يماسه كما لا يلزم من مماسته أن يقربه بسرقة أو أذى في جسده و نحو ذلك و أن حملا على المعنويين أو العكس فيجاب بادعاء الخصوص في عموم أحدهما و الأقرب أن المخصوص حديث الباب كما تقدم تخصيصه عن ابن عبد البر بمن لم ينو القيام فكذا يمكن أن يقال يختص بمن لم يقرأ آية الكرسي لطرد الشيطان و الله أعلم * رابعها ذكر شيخنا الحافظ أبو الفضل بن الحسين في شرح الترمذي أن السر في استفتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين المبادرة إلى حل عقد الشيطان و بناه على أن الحل لا يتم الا بتمام الصلاة و هو واضح لأنه لو شرع في صلاة ثم أفسدها لم يساو من أتمها و كذا الوضوء و كان الشروع في حل العقد يحصل بالشروع في العبادة و ينتهي بانتهائها و قد ورد الأمر بصلاة الركعتين الخفيفتين عند مسلم من حديث أبي هريرة فاندفع إيراد من أورد أن الركعتين الخفيفتين إنما وردتا من فعله صلى الله عليه و سلم كما تقدم من حديث عائشة و هو منزه عن عقد الشيطان حتى و لو لم يرد الأمر بذلك لأمكن أن يقال يحمل فعله ذلك على تعليم أمته و ارشادهم إلى ما يحفظهم من الشيطان و قد وقع عند ابن خزيمة من وجه آخر عن أبي هريرة في آخر الحديث فحلوا عقد الشيطان و لو بركعتين * خامسها أنما خص الوضوء بالذكر لأنه الغالب و إلا فالجنب لا يحل عقدته الا الاغتسال و هل يقوم التيمم مقام الوضوء أو الغسل لمن ساغ له ذلك محل بحث و الذي يظهر اجزاؤه و لا شك أن في معاناة الوضوء عونا كبيرا على طرد النوم لا يظهر مثله في التيمم سادسها لا يتعين للذكر شئ مخصوص لا يجزئ غيره بل كل ما صدق عليه ذكر الله أجزأ و يدخل فيه تلاوة القرآن و قراءة الحديث النبوي و الاشتغال بالعلم الشرعي و أولي ما يذكر به ما سيأتي بعد ثمانية أبواب في باب فضل من تعار من الليل و يؤيده ما عند ابن خزيمة من الطريق المذكورة فإن تعار من الليل فذكر الله (قوله حدثنا عوف) هو الأعرابي (وأبو رجاء) هو العطاردي و الإسناد كله بصريون و سيأتي حديث سمرة مطولا في أواخر كتاب الجنائز و قوله هنا على الصلاة المكتوبة الظاهر أن المراد بها العشاء الآخرة و هو اللائق بما تقدم من مناسبة الحديث الذي قبله و قوله يثلغ بمثلثة ساكنة و لام مفتوحة بعدها معجمة أي يشق أو يخدش و قوله فيرفضه بكسر الفاء وضمها (قوله باب إذا نام و لم يصل بال الشيطان في إذنه) هذه الترجمة للمستملي وحده و للباقين باب فقط و هو بمنزلة الفصل من الباب و تعلقه بالذي قبله ظاهر لما سنوضحه (قوله ذكر عن النبي صلى الله
(٢٣)