بينهما الميت و الصعق و الأول استثنى فيه الإنس فقط و الثاني استثنى فيه الجن و الأنس و الجواب أن كلام الميت بما ذكر لا يقتضي وجود الصعق و هو الفزع الا من الأدمي لكونه لم يألف سماع كلام الميت بخلاف الجن في ذلك و أما الصيحة التي يصيحها المضروب فإنها غير مألوفه للإنس و الجن جميعا لكون سببها عذاب الله و لا شئ أشد منه على كل مكلف فاشترك فيه الجن و الإنس و الله أعلم و استدل به على أن كلام الميت يسمعه كل حيوان ناطق و غير ناطق لكن قال ابن بطال هو عام أريد به الخصوص و أن المعنى يسمعه من له عقل كالملائكة و الجن و الإنس لأن المتكلم روح و إنما يسمع الروح من هو روح مثله و تعقب بمنع الملازمة إذ لا ضرورة إلى التخصيص بل لا يستثنى الا الإنسان كما هو ظاهر الخبر و إنما اختص الإنسان بذلك إبقاء عليه و بأنه لا مانع من انطاق الله الجسد بغير روح كما تقدم و الله تعالى أعلم (قوله باب من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الامام) أورد فيه حديث جابر في الصلاة على النجاشي و فيه كنت في الصف الثاني أو الثالث و قد اعترض عليه بأنه لا يلزم من كونه في الصف الثاني أو الثالث أن يكون ذلك منتهى الصفوف و بأنه ليس في السياق ما يدل على كون الصفوف خلف الإمام و الجواب عن الأول أن الأصل عدم الزائد و قد روى مسلم من طريق أيوب عن أبي الزبير عن جابر قصة الصلاة على النجاشي فقال فقمنا فصفنا صفين فعرف بهذا أن من روى عنه كنت في الصف الثاني أو الثالث شك هل كان هنالك صف ثالث أم لا و بذلك تصح الترجمة و عن الثاني بأنه أشار إلى ما ورد في بعض طرقه صريحا كما سيأتي في هجرة الحبشة من وجه آخر عن قتادة بهذا الإسناد بزيادة فصفنا و راءه و وقع في الباب الذي يليه من حديث أبي هريرة بلفظ فصفوا خلفه و سنذكر بقية فوائد الحديث فيه (قوله باب الصفوف على الجنازة) قال الزين بن المنير ما ملخصه أنه أعاد الترجمة لأن الأولى لم يجزم فيها بالزيادة على الصفين و قال ابن بطال أومأ المصنف إلى الرد على عطاء حيث ذهب إلى أنه لا يشرع فيها تسوية الصفوف يعني كما رواه عبد الرزاق عن ابن جريج قال قلت لعطاء أحق على الناس أن يسووا صفوفهم على الجنائز كما يسوونها في الصلاة قال لا إنما يكبرون و يستغفرون و أشار المصنف بصيغة الجمع إلى ما ورد في استحباب ثلاثة صفوف و هو ما رواه أبو داود و غيره من حديث مالك بن هبيرة مرفوعا من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب حسنه الترمذي و صححه الحاكم و في رواية له الا غفر له قال الطبري ينبغي لأهل الميت إذا لم يخشوا عليه التغير أن ينتظروا به اجتماع قوم يقوم منهم ثلاثة صفوف لهذا الحديث انتهى و تعقب بعضهم الترجمة بان أحاديث الباب ليس فيها صلاة على جنازة و إنما فيها الصلاة على الغائب أو على من في القبر و أجيب بان الاصطفاف إذا شرع و الجنازة غائبة ففي الحاضرة أولى و أجاب الكرماني بان المراد بالجنازة في الترجمة الميت سواء كان مدفونا أو غير مدفون فلا منافاة بين الترجمة و الحديث (قوله عن سعيد) هو ابن المسيب كذا رواه أصحاب معمر البصريون عنه و كذا هو في مصنف عبد الرزاق عن معمر و أخرجه النسائي عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق فقال فيه عن سعيد و أبي سلمة و كذا أخرجه ابن حبان من طريق يونس عن الزهري عنهما و كذا ذكره الدارقطني في غرائب مالك من طريق خالد بن مخلد و غيره عن مالك و المحفوظ عن مالك ليس فيه ذكر أبي سلمة كذا هو في الموطأ و كذا أخرجه المصنف كما تقدم في
(١٤٩)