في المرضى وإجابة الداعي يأتي الكلام عليها في الوليمة وتشميت العاطس يأتي الكلام عليه في الأدب وأما اتباع الجنائز فسيأتي الكلام عليه في باب فضل اتباع الجنائز في وسط كتاب الجنائز و المقصود هنا إثبات مشروعيته فلا تكرار (قوله باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في أكفانه) أي لف فيها قال ابن رشيد موقع هذه الترجمة من الفقه أن الموت لما كان سبب تغيير محاسن الحي التي عهد عليها و لذلك أمر بتغميضه وتغطيته كان ذلك مظنة للمنع من كشفه حتى قال النخعي ينبغي أن لا يطلع عليه إلا الغاسل له و من يليه فترجم البخاري على جواز ذلك ثم أورد فيه ثلاثة أحاديث * أولها حديث عائشة في دخول أبي بكر على النبي صلى الله عليه و سلم بعد أن مات و سيأتي مستوفى في باب الوفاة آخر المغازي و مطابقته للترجمة واضحة كما سنبينه و أشد ما فيه إشكالا قول أبي بكر لا يجمع الله عليك موتتين و عنه أجوبة فقيل هو على حقيقته و أشار بذلك إلى الرد على من زعم أنه سيحيا فيقطع أيدي رجال لأنه لو صح ذلك للزم أن يموت موتة أخرى فأخبر أنه أكرم على الله من أن يجمع عليه موتتين كما جمعهما على غيره كالذين خرجوا من ديارهم و هم ألوف و كالذي مر على قرية و هذا أوضح الأجوبة و أسلمها و قيل أراد لا يموت موتة أخرى في القبر كغيره إذ يحيا ليسئل ثم يموت و هذا جواب الداودي و قيل لا يجمع الله موت نفسك و موت شريعتك و قيل كنى بالموت الثاني عن الكرب أي لا تلقى بعد كرب هذا الموت كربا آخر * ثانيها حديث أم العلاء الأنصارية في قصة عثمان بن مظعون و سيأتي بأتم من هذا السياق في باب القرعة آخر الشهادات و في التعبير * ثالثها حديث جابر في موت أبيه و سيأتي في كتاب الجهاد و دلالة الأول و الثالث مشكلة لأن أبا بكر إنما دخل قبل الغسل فضلا عن التكفين و عمر ينكر حينئذ أن يكون مات و لأن جابرا كشف الثوب عن وجه أبيه قبل تكفينه و قد يقال في الجواب عن الأول أن الذي وقع دخول أبي بكر على النبي صلى الله عليه و سلم و هو مسجى أي مغطى فيؤخذ منه أن الدخول على الميت يمتنع إلا إن كان مدرجا في أكفانه أو في حكم المدرج لئلا يطلع منه على ما يكره الاطلاع عليه و قال الزين بن المنير ما محصله كان أبو بكر عالما بأنه صلى الله عليه و سلم لا يزال مصونا عن كل أذى فساغ له الدخول من غير تنقيب عن الحال و ليس ذلك لغيره و أما الجواب عن حديث جابر فأجاب ابن المنير أيضا بأن ثياب الشهيد التي قتل فيها هي أكفانه فهو كالمدرج و يمكن أن يقال نهيهم له عن كشف وجهه يدل على المنع من الإقتراب من الميت و لكن يتعقب بأنه صلى الله عليه و سلم لم ينهه و يجاب بأن عدم نهيهم عن نهيه يدل على تقرير نهيهم فتبين أن الدخول الثابت في الأحاديث الثلاثة كان في حالة الإدراج أو في حالة تقوم مقامها قال ابن رشيد المعنى الذي في الحديثين من كشف الميت بعد تسجيته مساو لحاله بعد تكفينه و الله أعلم و في هذه الأحاديث جواز تقبيل الميت تعظيما و تبركا و جواز التفدية بالآباء و الأمهات و قد يقال هي لفظة اعتادت العرب أن تقولها ولا تقصد معناها الحقيقي إذ حقيقة التفدية بعد الموت لا تتصور و جواز البكاء على الميت و سيأتي مبسوطا (قوله في حديث عائشة أخبرنا عبد الله) هو ابن المبارك و معمر هو ابن راشد و يونس هو ابن يزيد والسنح بضم المهملة وسكون النون بعدها حاء مهملة منازل بني الحرث بن الخزرج و كان أبو بكر متزوجا فيهم (قوله فتيمم) أي قصد و برد حبرة بكسر
(٩١)