عائشة لا تسبوا الأموات وحديث ابن عباس في قول أبي لهب وفيه من الآثار الموقوفة على الصحابة ومن بعدهم ثمانية وأربعون أثرا منها ستة موصولة والبقية معلقة والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب * (بسم الله الرحمن الرحيم) * * (كتاب الزكاة) * البسملة ثابتة في الأصل ولأكثر الرواة باب بدل كتاب وسقط ذلك لأبي ذر فلم يقل باب ولا كتاب وفي بعض النسخ كتاب الزكاة باب وجوب الزكاة * والزكاة في اللغة النماء يقال زكا الزرع إذا نما ويرد أيضا في المال وترد أيضا بمعنى التطهير وشرعا بالاعتبارين معا أما بالأول فلأن إخراجها سبب للنماء في المال أو بمعنى أن الأجر بسببها يكثر أو بمعنى أن متعلقها الأموال ذات النماء كالتجارة والزراعة ودليل الأول ما نقص مال من صدقة ولأنها يضاعف ثوابها كما جاء أن الله يربي الصدقة وأما بالثاني فلأنها طهرة للنفس من رذيلة البخل وتطهير من الذنوب وهي الركن الثالث من الأركان التي بني الإسلام عليها كما تقدم في كتاب الإيمان وقال ابن العربي تطلق الزكاة على الصدقة الواجبة والمندوبة والنفقة والحق والعفو وتعريفها في الشرع إعطاء جزء من النصاب الحولي إلى فقير ونحوه غير هاشمي ولا مطلبي ثم لها ركن وهو الإخلاص وشرط هو السبب وهو ملك النصاب الحولي وشرط من تجب عليه وهو العقل والبلوغ والحرية ولها حكم وهو سقوط الواجب في الدنيا وحصول الثواب في الأخرى وحكمة وهي التطهير من الأدناس ورفع الدرجة واسترقاق الأحرار انتهى وهو جيد لكن في شرط من تجب عليه اختلاف والزكاة أمر مقطوع به في الشرع يستغني عن تكلف الاحتجاج له وإنما وقع الاختلاف في بعض فروعه وأما أصل فرضية الزكاة فمن جحدها كفر وإنما ترجم المصنف بذلك على عادته في إيراد الأدلة الشرعية المتفق عليها والمختلف فيها (قوله وقول الله) هو بالرفع قال الزين ابن المنير مبتدأ وخبره محذوف أي هو دليل على ما قلناه من الوجوب ثم أورد المصنف في الباب ستة أحاديث * أولها حديث أبي سفيان هو ابن حرب الطويل في قصة هرقل أورده هنا معلقا واقتصر منه على قوله يأمر بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف ودلالته على الوجوب ظاهرة ثانيها حديث ابن عباس في بعث معاذ إلى اليمن ودلالته على وجوب الزكاة أوضح من الذي قبله ثالثها حديث أبي أيوب في سؤال الرجل عن العمل الذي يدخل به الجنة وأجيب بأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم وفي دلالته على الوجوب غموض وقد أجيب عنه بأجوبة أحدها أن سؤاله عن العمل الذي يدخل الجنة يقتضي أن لا يجاب بالنوافل قبل الفرائض فتحمل على الزكاة الواجبة ثاني الأجوبة أن الزكاة قرينة الصلاة كما سيأتي في الباب من قول أبي بكر الصديق وقد قرن بينهما في الذكر هنا ثالثها أنه وقف دخول الجنة على أعمال من جملتها أداء الزكاة فيلزم أن من لم يعملها لم يدخل ومن لم يدخل الجنة دخل النار وذلك يقتضي الوجوب رابعها أنه أشار إلى القصة التي في حديث أبي أيوب والقصة التي في حديث أبي هريرة الذي يعقبه واحدة فأراد أن يفسر الأول بالثاني لقوله فيه وتؤدي الزكاة المفروضة وهذا أحسن الأجوبة
(٢٠٧)