عند مسلم لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول وهو محمول على ما حمل عليه حديث ابن عمر المذكور والله أعلم * (تنبيه) * وقع هنا عقب الطريق الثانية لحديث ابن عمر المذكور في نسخة الصغاني تعلية السند المذكور لبعض الرواة ولفظه قال أبو إسحق حدثنا قتيبة ومحمد بن رمح قالا حدثنا الليث مثله وأبو إسحق هذا إن كان هو المستملى فقد سقط بينه وبين قتيبة وابن رمح رجل وإن كان غيره فيحتمل أن يكون إبراهيم بن معقل النسفي الراوي عن البخاري والله أعلم (قوله باب الطواف على وضوء) أورد فيه حديث عائشة أن أول شئ بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم أنه توضأ ثم طاف الحديث بطوله وليس فيه دلالة على الاشتراط إلا إذا انضم إليه قوله صلى الله عليه وسلم خذوا عني مناسككم وباشتراط الوضوء للطواف قال الجمهور وخالف فيه بعض الكوفيين ومن الحجة عليهم قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري وسيأتي بيان الدلالة منه بعد بابين (قوله ما كانوا يبدؤون بشئ حين يضعون أقدامهم من الطواف بالبيت) قال ابن بطال لا بد من زيادة لفظ أول بعد لفظ أقدامهم وأجاب الكرماني بأن معناه ما كانوا يبدؤون بشئ آخر حين يضعون أقدامهم في المسجد لأجل الطواف انتهى وحاصله أنه لم يتعين حذف لفظ أول بل يجوز أن يكون الحذف في موضع آخر لكن الأول أولى لأن الثاني يحتاج إلى جعل من بمعنى من أجل وهو قليل وأيضا فلفظ أول قد ثبت في بعض الروايات وثبت أيضا في مكان آخر من الحديث نفسه ووقع في رواية الكشميهني حتى يضعوا بدل حين يضعون وتوجيهه واضح (قوله ثم إنهما لا تحلان) أي سواء كان إحرامهما بالحج وحده أو بالقران خلافا لمن قال أن من حج مفردا فطاف حل بذلك كما تقدم عن ابن عباس وقوله أمي يعني أسماء بنت أبي بكر وخالته هي عائشة وقد تقدم الكلام على فوائد هذا الحديث في باب من طاف إذا قدم * (تنبيه) * قال الداودي ما ذكر من حج عثمان هو من كلام عروة وما قبله من كلام عائشة وقال أبو عبد الملك منتهى حديث عائشة عند قوله ثم لم تكن عمرة ومن قوله ثم حج أبو بكر الخ من كلام عروة انتهى فعلى هذا يكون بعض هذا منقطعا لأن عروة لم يدرك أبا بكر ولا عمر نعم أدرك عثمان وعلي قول الداودي يكون الجميع متصلا وهو الأظهر (قوله باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله) أي وجوب السعي بينهما مستفاد من كونهما جعلا من شعائر الله قاله ابن المنير في الحاشية وتمام هذا نقل أهل اللغة في تفسير الشعائر قال الأزهري الشعائر المقالة التي ندب الله إليها وأمر بالقيام عليها وقال الجوهري الشعائر أعمال الحج وكل ما جعل علما لطاعة الله ويمكن أن يكون الوجوب مستفادا من قول عائشة ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة وهو في بعض طرق حديثها المذكور في هذا الباب عند مسلم واحتج ابن المنذر للوجوب بحديث صفية بنت شيبة عن حبيبة بنت أبي تجراه بكسر المثناة وسكون الجيم بعدها راء ثم ألف ساكنة ثم هاء وهي إحدى نساء بني عبد الدار قالت دخلت مع نسوة من قريش دار آل أبي حسين فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى وإن مئزره ليدور من شدة السعي وسمعته يقول اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي أخرجه الشافعي وأحمد وغيرهما وفي إسناد هذا الحديث
(٣٩٧)