1446 مسألة وكل من باع بيعا فاسدا فهو باطل ولا يملكه المشترى وهو باق على ملك البائع وهو مضمون على المشترى ان قبضه ضمان الغصب سواء سواء، والثمن مضمون على البائع ان قبضه ولا يصححه طول الأزمان ولا تغير الأسواق ولا فساد السلعة ولا ذهابها ولا موت المتبايعين أصلا، وقال أبو حنيفة في بعض ذلك كما قلنا، وقال في بعض ذلك: من باع بيعا فاسدا فقبضه المشترى فقد ملكه ملكا فاسدا وأجاز عتقه فيه، وقال مالك في بعض ذلك: كما قلنا، وقال في بعض ذلك: ان من البيوع الفاسدة بيوعا تفسخ الا أن يطول الامر أو تتغير الأسواق فتصح حينئذ * قال أبو محمد: وهذان قولان لا خفاء بفسادهما على من نصح نفسه، أما قول أبي حنيفة:
فقد ملكه ملكا فاسدا فكلام في غاية الفساد وما علم أحد قط في دين الله تعالى ملكا فاسدا إنما هو ملك فهو صحيح أو لا ملك فليس صحيحا، وما عدا هذا فلا يعقل، وإذ أقروا أن الملك فاسد فقد قال تعالى: (والله لا يحب الفساد) فلا يحل لا حد أن يحكم بانفاذ مالا يحبه الله عز وجل، وقال تعالى: (ان الله لا يصلح عمل المفسدين) فمن أجاز شيئا نص الله تعالى على أنه لا يصلحه فقد عارض الله تعالى في حكمه وهذا عظيم جدا، وقد احتج بعضهم في هذا بحديث بريرة * قال أبو محمد: هذا احتجاج فاسد الدين ونبرأ إلى الله تعالى ممن نسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أنفذ الباطل وأجاز الفاسد والله ما تقر على هذا نفس مسلم، واحتج بعضهم بأن البائع سلطه عليه * قال أبو محمد: ليس لأحد أن يسلط غيره على شئ من ماله بما لم يأذن الله تعالى فيه فليجيزوا على هذا أن يسلطه على وطئ أم ولده وأمته، وهذه ملاعب وضلال لاخفاء به (1) * وأما قول مالك فأول ما يقال لمن قلده: حدوا لنا المدة التي إذا مضت صح البيع الفاسد عندكم بمضيها والا فقد ظللتم وأظللتم، وحدوا لنا تغير الأسواق الذي أبحتم به المحرمات فان زيادة نصف درهم وحبة ونقصان ذلك تغير سوق بلا شك، فان أجازوا صحة الفاسد بهذا المقدار فقد صح كل بيع فاسد لأنه لابد من تقلب القيم بمثل هذا أو شبهه في كل يوم، ثم نسألهم الدليل على ما قالوه من ذلك ولا سبيل إليه لا من قرآن. ولا من سنة. ولا رواية سقيمة. ولا قول أحد يعرف قبله. ولا قياس. ولا رأى له وجه بل هو إباحة أكل المال بالباطل، فان ذكروا في ذلك حديث النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم (الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمها كثير الناس فمن ترك ما اشتبه عليه (هامش) * (1) كذا في جميع النسخ والراجح بها، وهذه عادة المصنف في أن يذكر الضمير مذكر أو يكون مرجعه مؤنثا أو جمعا (*)