نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وهذا عموم لمال المرء ومال غيره * 1389 مسألة فان تلفت من غير تعد منه ولا تضييع لها فلا ضمان عليه فيما لأنه إذا حفظها ولم يتعد ولا ضيع فقد أحسن والله تعالى يقول: (ما على المحسنين من سبيل)، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام) فمال هذا المودع حرام على غيره ما لم يوجب أخذه منه نص، وقد صح عن عمر بن الخطاب تضمين الوديعة، وروى عنه (1) وعن غيره أن لا تضمن * 1390 مسألة وصفة حفظها هو أن يفعل فيها من الحفظ ما يفعل بماله وان لا يخالف فيها ما حد له صاحبها الا أن يكون فيما حد له يقين هلاكها فعليه حفظها لان هذا هو صفة الحفظ وما عداه هو التعدي في اللغة ومعرفة الناس، وبالله تعالى التوفيق * 1391 مسألة فان تعدى المودع في الوديعة أو أضاعها فتلفت لزمه ضمانها ولو تعدى على بعضها دون بعض لزمه ضمان ذلك البعض الذي تعدى فيه فقط لأنه في الإضاعة أيضا متعد لما أمر به، والتعدي هو التجاوز في اللغة التي نزل بها القرآن وبها خاطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والله تعالى يقول: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) فيضمن ضمان الغاصب في كل ما ذكرنا في حكم الغصب، وبالله تعالى التوفيق * 1392 مسألة والقول في هلاك الوديعة أو في ردها إلى صاحبها أو في دفعها إلى من أمره صاحبها بدفعها إليه قول الذي أودعت عنده مع يمينه سواء دفعت إليه ببينة أو بغير بينة لان ماله محروم كما ذكرنا فهو مدعى عليه وجوب غرامة وقد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن اليمين (2) على من ادعى عليه وهو قول أبي حنيفة. والشافعي. وأبي سليمان * وههنا خلاف في مواضع * منها أن مالكا فرق بين الثقة وغير الثقة فرأى أن لا يمين على الثقة وهذا خطأ لان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجب اليمين على من ادعى عليه لم يفرق بين ثقة وغير ثقة، والمالكيون موافقون لنا في أن نصرانيا. أو يهوديا. أو فاسقا من المسلمين معلن الفسق يدعى دينا على صاحب من الصحابة رضي الله عنهم ولا بينة له وجبت اليمين (3) على الصاحب، ولا فرق بين دعوى جحد الدين وبين دعوى جحد الوديعة أو تضييعها، والمقرض مؤتمن على ما أقرض وعلى ما عومل فيه كما أن المودع مؤتمن ولا فرق، وفرق أيضا بين الوديعة تدفع ببينة وبينها إذا دفعت بغير بينة فرأى ايجاب الضمان فيها إذا دفعت ببينة، وهذا لا معنى له لأنه لم يأت بالفرق بين ذلك قرآن. ولا سنة،
(٢٧٧)