فاسدة قد ضاعت منها عنا أشياء ولكنا مكلفين مالا نقدر عليه ومأمورين بما لا ندريه أبدا، وهذه ضلالات ناهيك بها وباطل لا خفاء به * وذكروا ما روينا من طريق ابن وهب عن يزيد بن عياض عن إسحاق بن عبد الله عن جبير عن مالك بن أوس بن الحدثان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التمر بالتمر. والزبيب بالزبيب. والبر بالبر. والسمن بالسمن. والزيت بالزيت. والدينار بالدينار. والدرهم بالدرهم لا فضل بينهم) * قال أبو محمد: وهذا حديث موضوع مكذوب لا تحل روايته الا على بيان فضيحته لان مالك بن أوس لا يعرف له سماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجبير ابن أبي صالح مجهول لا يدرى من هو، وإسحاق بن عبد الله - هو الفروي - متروك، ويزيد بن عياض - هو ابن جعدبة - مذكور بالكذب ووضع الأحاديث، ثم لو صح لم يكن لهم فيه حجة في ايجاب علة أصلا وإنما كأن يكون فيه زيادة ذكر الزيت.
والسمن. والزبيب فقط، وأيضا فلو صح لكان المالكيون مخالفين له لأنهم يجيزون الدرهم بأوزن منه على سبيل المعروف ولكان الحنيفيون مخالفين له لأنهم يجيزون ثلاث تمرات بست تمرات. وعشر حبات بر بثلاثين حبة بر، وكذلك في الشعير. والملح والزبيب. والملح، ولا يحل تحريم حلال خوف الوقوع في الحرام فيستعجل من فعل ذلك المعصية والوقوع في الباطل خوف أن يقع فيه غيره * ومن طريق وكيع نا إبراهيم ابن يزيد عن أبي الزبير عن جابر أنه كره مدى ذرة بمد حنطة نسيئة، إبراهيم متروك متهم وهذا كراهية (1) لا تحريم، ولا يدرى هل كره الكيل أو الطعام؟ وقد ذكرنا كل قول روى في هذا الباب عن المتقدمين وبينا خلافهم لها وأنهم قالوا في ذلك بأقوال لاتحفظ عن أحد قبلهم، وأعجب شئ مجاهرة من لادين له بدعوى الاجماع على وقوع الربا فيما عدا الأصناف المنصوص عليها، وهذا كذب مفضوح من قريب، والله ما صح الاجماع في الأصناف المنصوص عليها فكيف في غيرها، أوليس ابن مسعود وابن عباس يقولان: لا ربا فيما (2) كان يدا بيد؟ وعليه كان عطاء. وأصحاب ابن عباس. وفقهاء أهل مكة * وقد روينا من طريق سعيد بن منصور نا أبو معاوية نا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحرث بن سويد عن عبد الله بن مسعود قال: لا ربى فيما كان يدا بيد والماء من الماء * ومن طريق أبى بكر بن أبي شيبة نا وكيع نا سفيان - هو الثوري - عن ابن جريج عن عطاء قال: لا بأس بأن يسلم ما يكال فيما يكال وما يوزن فيما يوزن إنما هو طعام بطعام، وهذا نفس قولنا ومخالف لجميع قول هؤلاء، وقد صح عن طلحة بن