فضرب ابن عمر يدي وقال: مالك وله اتركه * ومن طريق قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس لا ترفع اللقطة لست منها في شئ تركها خير من أخذها * ومن طريق سفيان الثوري عن إبراهيم بن عبد الأعلى سئل سعيد بن جبير عن الفاكهة توجد في الطريق؟
قال: لا تؤكل إلا باذن ربها * وعن الربيع بن خيثم إنه كره أخذ اللقطة * وعن شريح أنه مر بدرهم فتركه، وقال أبو حنيفة. ومالك: كلا الامرين مباح والأفضل أخذها، وقال الشافعي مرة: أخذها أفضل ومرة قال: الورع تركها * قال أبو محمد: أما من أباح كلا الامرين فما نعلم له حجة أصلا، فان حملوا أمره عليه السلام بأخذها على الندب قيل لهم: فاحملوا أمره بتعريفها على الندب ولا فرق، فان قالوا: أموال الناس محرمة قلنا: واضاعتها محرمة ولا فرق، وأما من منع من أخذها فإنهم احتجوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام) فقلنا لهم:
نعم وما أمرناه باستحلالها أصلا لكن أمرناه بالمفترض عليه من حفظها وترك اضاعتها المحرمة عليها ثم جعلناها له حيث جعلها له الذي حرم أموالنا علينا إلا بما أباحها لنا لا يجوز ترك شئ من أوامره صلى الله عليه وسلم فهو أولى بنا من أنفسنا، وقد كفر من وجد في نفسه حرجا مما قضى، واحتجوا أيضا بحديث المنذر بن جرير عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يأوى الضالة الاضال) (1)، وبحديث أبي مسلم الجرمي أو الحرمي عن الجارود عن النبي صلى الله عليه وسلم (قال: ضالة المسلم حرق النار)، وهذان خبران لا يصحان لان المنذر بن جرير. وأبا مسلم الجرمي أو الحرمي غير معروفين، لكن (ضالة المسلم حرق النار) قد صح من طريق أخرى وهذا لفظ مجمل فسره سائر الآثار، وهو خبر رويناه من طريق حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضوال الإبل؟ فقال عليه السلام: ضالة المسلم حرق النار، وهم أول مخالف فامروا بأخذ ضوال الإبل ثم لو صحا لما كان لهم فيهما حجة لان إيواء الضالة بخلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم حرق النار وضلال بلا شك، وما أمرناه قط بايوائها مطلقا لكن بتعريفها وضمانها في الأبد، وقد جاء بهذا حديث أحسن من حديثهم كما روينا من طريق ابن وهب حدثني عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة عن أبي سالم الجيشاني عن زيد بن خالد الجهني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [أنه قال]: (من أخذ لقطة (2) فهو ضال ما لم يعرفها)، ومنها