الحكم الأجنبي الانكليزي. وما تبع هاتين الحركتين من قتل وتشريد ومطاردة للعلماء والمراجع.
وكذلك جاء هذا الخيار بعد تنفيذ المخطط الرهيب لعزل الاسلام وجميع مؤسساته، ومنها الحوزة العلمية والعلماء عن المجتمع والحياة، بحيث تحول الاسلام إلى مجرد تراث في المجتمع يحضى بشئ من التقدير والتقديس والتكريم من خلال المراسيم والأعياد والشعائر العامة.
وتحولت المرجعية على أفضل صورها إلى جزء من هذا التراث يكاد ينحصر في الرجوع إليها في العبادات وقضايا الأموات وبعض الأحوال الشخصية، بل كانت بعض الأوساط العامة تنظر إليها على أنها شئ متخلف من هذا التراث (1).
وبالرغم من أن المرجعية - كما أشرنا - تمثل في بعدها النظري امتدادا لحركة النبوة والإمامة. ولكن من الناحية الواقعية في الفترة الزمنية التي عاصرها الإمام الحكيم، كانت قد انطوت على نفسها للأسباب السابقة، وأصبحت تعيش عزلة عسيرة في مجمل أوضاعها العامة.
وسوف أتناول هنا خيار الإمام الحكيم هذا من خلال رؤيته للمرجعية والحديث عن التطورات المهمة التي حققها على مستوى العناصر الرئيسية في هذه الرؤية. واختار الساحة العراقية كنموذج لتطبيق هذه الرؤية، علما بأن مساحات واسعة من العالم الاسلامي الذي يعيش فيه أتباع أهل البيت عليهم السلام، والذين ارتبطوا بمرجعية الإمام الحكيم، وحوزة النجف الأشرف، قد تأثرت بهذه الرؤية والتطورات كما سوف أشير إلى ذلك عرضا.