التي يواجهونها في حياتهم والمواساة لهم، وكيفية الصمود والصبر على هذه الآلام والمعاناة، والاستفادة من هذه التجارب.
وهذا المدلول هو ما نراه في الأنبياء والأولياء والصالحين، ممن عرفوا الفقر في حياتهم. كما هو واضح في حياة الأنبياء من أولي العزم.
والمدلول الآخر السلبي، هو ما يمكن أن نصفه بالشعور بالحاجة إلى الناس، والاحساس بالنقص، ومحاولة الهروب من هذا الواقع الأليم، والخروج من هذا الوسط الممتحن، من خلال طلب المال بكل الوسائل، والحرص على جمعه، والاستزادة منه، والبخل في الانفاق على النفس والآخرين.
ويمكن أن نلمس في شخصية الإمام الحكيم المدلول الأول، بشكل واضح من خلال ما عرفناه في الجانب الأول من سيرته الذاتية في الاعتماد على الله والنفس، ولكن بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن نشير إلى المظاهر التالية في سلوكه، والذي يؤثر على هذا المدلول.
الأول: الزهد، والالتزام بالمستوى المعيشي البسيط، والمتواضع، والمهذب من التشريفات والتزيينات إلى آخر عمره، سواء في سلوكه الشخصي في المأكل، والملبس، والمسكن، والمركب، أم في سلوكه العائلي، أم في سلوكه الاجتماعي، حيث كان الفراش الذي يستعمله يمتد به العمر أكثر من ثلاثين إلى خمسين عاما، ويكتفي به هو وزوجه أن يكون نظيفا طاهرا، وفي الملابس سواء في شكلها، أم محتواها، وأسلوب تقمصها، بقي يباشر نفس المستوى والطريقة التي كان عليها في شبابه دون تغيير، وهكذا في مأكله ومسكنه، حتى أن البيت الذي بناه في أواخر أيامه أحد المؤمنين في الكوفة، لم يكن يختلف في بساطته عن بيوت الطبقة دون المتوسطة من الناس في كل شؤونه.
وفي ديوان الاستقبال كان يجلس للناس متواضعا على البسط الخفيفة الأفغانية، والفرش الرخيص، وفي الغرفة الضيقة ذات الجدران العادية ومن دون طلاء، والأخشاب المتواضعة جدا، وفي طريقة استقبال الناس ولقائهم، والحديث إليهم ومجالستهم، كل ذلك كان يعبر بوضوح عن هذا المستوى