كما يمكن أن نلاحظ هذا الاستقلال في بنائه للأجهزة، والمؤسسات التي اعتمدت عليها مرجعيته الدينية.
إن هذا الاستقلال، سوف نلاحظه بوضوح من خلال مجموعة الأحداث التي عاشها الإمام الحكيم، وسوف نلاحظها في الحديث عن الجانبين الآتيين المرجعي، والعلمي.
الفقر إلى الله والفقر إلى الناس (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد) (1).
عندما تحدثنا عن نشأة الإمام الحكيم، عرفنا بأنه عاش فقيرا، وكان يتحدث الإمام الحكيم عن فقره هذا، ويفتخر به أحيانا، حيث كان يصف حاله وحال أهل بيته، بأنه في بداية حياته، كان أكثر طعامهم الخبز واللبن، وهما أكثر الأشياء توفرا، وأرخصها ثمنا، وكان التمر أحد المكونات الأساسية للمؤنة السنوية، وهو رخيص في العراق.
وقد يكون الفقر في ذلك الزمان هو الطابع العام لطلاب العلوم الدينية، وقد يتفاوتون فيما بينهم في هذا الجانب، ولكن الظروف الاقتصادية الصعبة العامة التي عاشها الإمام الحكيم في بداية حياته، كانت أشد ضغطا عليه وعلى أسرته من غيره.
والمهم في هذا البعد، هو نظرته قدس سره إلى هذا الفقر وتقييمه له، وكذلك آثاره الروحية والاجتماعية على شخصيته، لأن الفقر في حياة الانسان له مدلولان مختلفان، إيجابي وسلبي: أحدهما الشعور بالحاجة إلى الله تعالى، والفقر الذاتي إليه الأمر الذي يدفعه نحو السعي للتكامل، لأنه بدون هذا الشعور، لا يمكن للانسان أن يتحرك نحو الكمال، وصعود مدارج التقدم.
وكذلك الاحساس بالآلام والمعاناة التي يشعر بها الفقراء، والصعوبات