نهايته (1)، من طريق أخبار الآحاد، إيرادا لا اعتقادا.
والذي يقتضيه أصول المذهب، أنه إذا طلقها قبل الدخول بها، يكون له عليها نصف قيمتها وقت العقد عليها، لأن عندنا بلا خلاف بيننا أن المهر يستحق بنفس العقد جميعه، وتملكه الزوجة، والمهر هاهنا نفسها، فقد ملكت نفسها جميعها، وصارت حرة، فكيف يعود بعضها مملوكا، والحر لا يصير مملوكا، وإلى هذا يذهب ابن البراج في المهذب (2).
وقد روي أنه إن كان لها ولد له مال ألزم أن يؤدي عنها النصف الباقي (3) ولا دليل على هذه الرواية من كتاب ولا سنة، ولا إجماع، والأصل براءة الذمة، وإن كان قد أوردها شيخنا أبو جعفر في نهايته إيرادا لا اعتقادا.
وقد روي أنه إذا جعل عتقها صداقها، ولم يكن أدى ثمنها، ثم مات، فإن كان له مال يحيط بثمن رقبتها، أدي عنه، وكان العتق والنكاح ماضيين، وإن لم يترك غيرها، كان العتق والنكاح فاسدين، وترجع الأمة إلى مولاها الأول، وإن كانت قد علقت منه، كان حكم ولدها حكمها في كونه رقا (4).
والذي يقتضيه أصول المذهب، ترك العمل بهذه الرواية، والعدول عنها، لأنها مخالفة للأدلة القاهرة، لا يعضدها إجماع ولا كتاب ولا سنة، بل الكتاب مخالف لها، والسنة تضادها، والإجماع ينافيها، لأن الحر لا يعود رقا، والعتق صحيح بالإجماع، وكذلك النكاح، والولد انعقد حرا بالإجماع، فكيف يعود رقا.
فإن قيل: البايع يعود في عين سلعته إذا مات المشتري، ولم يترك وفاء للأثمان؟
قلنا: إذا مات والسلع على ملكه، وهذه الأمة قد خرجت من ملكه بالعتق،