وأيضا حقوق الآدميين إذا وجبت، لا تسقط إلا بدليل، وأجمعنا على سقوط نصفه بالطلاق، فأما غيره فلا إجماع عليه.
وإذا زوج الرجل جاريته من رجل حر، ثم أعتقها، فإن مات زوجها ورثته، ولزمتها عدة الحرة المتوفى عنها زوجها.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإن علق عتقها بموت زوجها، ثم مات الزوج، لم يكن لها ميراث، وكان عليها عدة الحرة المتوفى عنها زوجها (1).
قال محمد بن إدريس: هذه رواية شاذة، أوردها إيرادا، لا اعتقادا.
والذي يقتضيه أصول مذهبنا، أن العتق باطل، لأن العتق بشرط، بإجماعنا غير صحيح، وليس هذا تدبيرا، لأن حقيقة التدبير تعليق عتق المملوك بموت سيده، دون موت غيره، لأنه بغير خلاف عندنا بمنزلة الوصية، وإلا ما كان يصح ذلك أيضا لولا الإجماع المنعقد عليه، فإذا لم ينعتق، كان يلزمه على مذهبه أن تكون عدتها شهرين وخمسة أيام، على ما ذهب إليه في نهايته، والأظهر أن عدة الأمة المتوفى عنها زوجها، عدة الحرة سواء، على ما سنبينه فيما بعد إن شاء الله.
وقال أيضا في نهايته: فإن أعتق الرجل أم ولده، فارتدت بعد ذلك، وتزوجت رجلا ذميا، ورزقت منه أولادا، كان أولادها من الذمي رقا للذي أعتقها، فإن لم يكن حيا، كانوا رقا لأولاده، ويعرض عليها الإسلام، فإن رجعت، وإلا وجب عليها ما يجب على المرتدة عن الإسلام (2).
قال محمد بن إدريس: الذي يقتضي مذهبنا، أن أولادها لا يكونون رقا، لأنه لا دليل على ذلك من كتاب، أو سنة، أو إجماع، بل الإجماع بخلافه، لأن ولد الحرين حر بلا خلاف، وإنما هذه رواية شاذة، أوردها شيخنا إيرادا لا اعتقادا، كما أورد أمثالها مما لا يعمل عليه، ولا يلتفت إليه.