وإن كان محجورا عليه لفلس، يصح إقراره في ماله، وعلى بدنه عند بعض أصحابنا.
والأولى عندي أنه لا يقبل (1) إقراره في أعيان أمواله بعد الحجر عليه، فأما إن أقر بشئ في ذمته لا في أعيان أمواله، فإن إقراره يصح. ولا يقاسم المقر له الغرماء في أعيان الأموال، لأنا إن قبلنا إقراره بعد الحجر في أعيان أمواله، فلا فائدة في حجر الحاكم، ولا تأثير لذلك، لأن ذلك يكون إقرارا بشئ، قد تعلق به حق الغير، فلا يقبل منه، فأما إن أقر بدين في ذمته، فإنه يقبل إقراره.
فأما إقراره على بدنه فمقبول على كل حال، فأما إن كان محجورا عليه لرق، فإنه لا يقبل إقراره عند أصحابنا، لا في مال في يديه ولا على بدنه، سواء أقر بقتل العمد، أو بقتل الخطأ، لأن ذلك إقرار على الغير، لكنه يتبع به إذا لحقه العتاق، ومتى صدقه السيد، قبل إقراره في جميع ذلك بلا خلاف.
ويصح إقرار المريض الثابت العقل، للوارث وغيره، سواء كان بالثلث أو أكثر منه، وإجماع أصحابنا منعقد على ذلك، وأيضا قوله تعالى: " كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم " (2) والشهادة على النفس هي الإقرار، ولم يفصل، وعلى من ادعى التخصيص الدليل.
ويصح الإقرار المبهم، مثل أن يقول لفلان علي شئ، ويرجع في تفسيره إليه، فمهما فسره به قبل، إذا كان مما يتمول ويملكه المسلمون، قليلا كان أو كثيرا، ولا تصح الدعوى المبهمة، لأنا إذا رددنا الدعوى المبهمة، كان للمدعي ما يدعوه إلى تصحيحها، وليس كذلك الإقرار، لأنا إذا رددناه، لا نأمن أن لا يقر ثانيا.
والمرجع في تفسير المبهم إلى المقر، على ما قدمناه، ويقبل تفسيره بأقل ما يتمول في العادة، فإن لم يقر جعلناه ناكلا، ورددنا اليمين على المقر له، فيحلف على ما يقول، ويأخذه، فإن لم يحلف فلا حق له.