فقال: رددته حيا ومات في يدك، وقال المالك: بل مات في يدك أيها الغاصب، وأقام كل واحد منهما البينة بما ادعاه، عمل على ما نذكره في تقابل البينتين، فإن قلنا إن البينتين إذا تقابلتا سقطتا، عدنا إلى الأصل وهو بقاء العبد عنده حتى يعلم رده، كان قويا هذا آخر كلامه رحمه الله (1)، لم يذكر في المسألة غير ما ذكره وحكيناه عنه.
والذي قواه وقال: كان قويا، مذهب الشافعي في تقابل البينتين لا مذهب أصحابنا، وإنما مذهب أصحابنا بغير خلاف بينهم، الرجوع إلى القرعة لأنه أمر مشكل، وهذا ليس من ذلك بقبيل، ولا هو منه بسبيل، ولا في هذا إشكال، فنرجع فيه إلى القرعة.
بل مثاله رجل غصب رجلا مالا، فقال الغاصب: رددته، وقال المغصوب منه: ما رددته إلي، فكان القول قول المغصوب منه مع يمينه، فإن أقام كل واحد منهما بينة، سمعت بينة الغاصب، لأن لبينته مزية على بينة المغصوب منه، لأنها تشهد بأمر خفي على بينة المالك.
وكذلك من كان له على رجل دين، فقال له: قضيته وخرجت إليك منه، وأنكر من له الدين ذلك، فالقول قول مع يمينه، فإن أقام كل واحد منهما بينته، كانت المسموعة بينة القاضي، لأنها تشهد بشئ قد يخفى على بينة من له الدين، ولا يقول أحد من العلماء إن هاهنا تستعمل القرعة، ولا يعاد إلى الأصل وتقابل البينتين وأنهما تسقطان.
فهذا تحرير هذه الفتيا والله الموفق للصواب، ومرضي الجواب.
الذي تقتضيه أخبارنا وأصول مذهبنا، أنه إذا جنى على عبد جناية تحيط بقيمة العبد، كان بالخيار بين أن يسلمه إلى الجاني، ويأخذ قيمته، وبين أن