مدة يستحق لمثلها أجرة، لزمته الأجرة، لأن المنافع تضمن بالغصب عندنا.
فإن غصب عصيرا فصار خمرا، ثم صار خلا، رد الخل بحاله، وليس عليه بدل العصير، لأن هذا عين ماله، فإن كان قيمة الخل قيمة العصير، أو أكثر، رده ولا شئ عليه، وإن كان أقل من ذلك رده وما نقص من قيمة العصير.
إذا غصب جارية فهلكت، فعليه أكثر ما كانت قيمتها من حين الغصب إلى حين الهلاك والتلف.
فإن اختلفا في مقدار القيمة، فالقول قول الغاصب مع يمينه، لأن الأصل براءة ذمته، ولقوله عليه السلام: " البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه " (1) والغاصب منكر.
وإن اختلفا فقال الغاصب: كانت معيبة برصاء، أو جذماء، وغير ذلك، فالقول قول المالك، لأن الأصل السلامة، والغاصب يدعي خلاف الظاهر، فإن كان بالعكس من هذا، فقال السيد: كانت صانعة، أو تقرأ القرآن، فأنكر الغاصب ذلك، فالقول قول الغاصب، لأن الأصل أن لا صنعة ولا قراءة.
إذا غصب منه مالا مثلا بمصر، فلقيه بمكة، فطالبه به، فإن كان المال له مثل، فله مطالبته، سواء اختلف القيمة في البلدين، أو اتفقت، وإن كان لا مثل له، فله مطالبته بقيمته يوم الغصب، دون يوم المطالبة، إذا أهلكه وأتلفه في يوم غصبه، فإن بقي في يده، فعليه أكثر القيم إلى يوم الهلاك.
فأما ما له مثل، فعليه مثله يوم المطالبة، تغيرت الأسعار أو لم تتغير، فإن إعوز المثل، فله قيمته يوم إقباضها، هذا تحقيق القول، والذي تقتضيه أصول مذهبنا.
وقد ذكر شيخنا أبو جعفر في مبسوطه (2)، تفاصيل مذهب المخالفين، ونقله