فإن كان استعمالها مباحا كحلي النساء، وحلي الرجال، مثل الخواتيم، والمنطقة، وكان وزنها مائة، و قيمتها لأجل الصنعة مائة وعشرين، فإذا كان غالب نقد البلد من غير جنسها، قومت به: لأنه لا ربا فيه، وإن كان غالب نقد البلد من جنسها، مثل أن كانت ذهبا وغالب نقده ذهب، قيل: فيه قولان، أحدهما تقوم بغير جنسها، ليسلم من الربا، والقول الآخر، وهو الصحيح، أنه لا يجوز (1)، لأن الوزن بحذاء الوزن، والفضل في مقابلة الصنعة، لأن للصنعة قيمة غير أصل العين، بدليل أنه يصح الاستيجار على تحصيلها، ولأنه لو كسره إنسان، فعادت قيمته إلى مائة، كان عليه أرش النقص فثبت بذلك أن الصنعة لها قيمة في المتلفات، وإن لم يكن لها قيمة في المعاوضات.
وإن كان استعمالها حراما، وهي آنية الذهب والفضة، قيل: فيه قولان، أحدهما اتخاذها مباح، والمحرم الاستعمال، والثاني محظور، لأنها إنما تتخذ للاستعمال، فمن قال اتخاذها حرام، وهو الصحيح، قال: تسقط الصنعة، وكانت كالتي لا صنعة فيها، وقد مضى حكمها.
فأما الحيوان فهو على ضربين، آدمي وغير آدمي فأما غير الآدمي فهو كالثياب والشخب (2) وما لا مثل له، فإن أتلفها فكمال القيمة، وإن جنى عليها فقيمة ما نقص تقوم بعد الاندمال، فيكون عليه ما بين قيمته صحيحا قبل الاندمال، وجريحا بعد الاندمال، فهو كالثياب سواء، وإنما يختلفان من وجه واحد، وهو أن الجناية على الثياب لا تسري إلى باقيه والجناية على البهيمة تسري إلى نفسها، ولا تختلف باختلاف المالكين، ولا باختلاف المملوك أو المالك، فعلى هذا التحرير سواء كانت البهيمة للقاضي، أو لغير القاضي.
وهذا الذي يقوى في نفسي، لأن إلحاق أحكام البهائم في الجنايات