وقال رحمه الله، في الجزء الثاني من نهايته، في باب الإجارات: ومن استأجر مملوك غيره من مولاه فأفسد المملوك شيئا، أو أبق قبل أن يفرغ من عمله، كان مولاه ضامنا لذلك (1).
قال محمد بن إدريس رحمه الله: ووجه الجمع بين قوليه رحمه الله، وتحرير ذلك، والفتوى به، أن المسألة الأولى في التي ذكرها في آخر الجزء الأول من نهايته، من قوله: لم يكن على مولاه ضمان ما أفسده، يريد بذلك ما عدا الأجرة، لأن المملوك لا يضمن سيده جنايته التي على غير بني آدم، ولا يستسعى فيها، ولا يباع على الصحيح من أقوال أصحابنا، لأن بيعه يحتاج إلى دليل، وانتقال ملكه إلى ملك غير سيده، يحتاج إلى شرع، وقوله رحمه الله: لكنه يستسعى العبد في مقدار ما أفسده، غير واضح، لأنه مخالف للإجماع، وإنما ورد بعض أخبار الآحاد بذلك، فأورده إيرادا، لا اعتقادا، فأما المسألة التي أوردها في الجزء الثاني، في كتاب الإجارات، من قوله: " ضامنا لذلك " يريد به ضامنا للأجرة الباقية، وهذا صحيح، يرجع على السيد بها، بغير خلاف. فأما ضمان ما أفسده، فلا ضمان على السيد، بغير خلاف، لأن الإنسان بغير خلاف لا يضمن ما يجنيه عبده، على ما عدا بني آدم، وكذلك إن جنى على بني آدم، لا يكون سيده عاقلة له، ولا يودي إلا إذا تبرع، وشيخنا قال هناك: يستسعى، ولم يقل يضمن سيده ما أفسده، وقال هيهنا، أعني في الجزء الثاني: يضمن سيده وهذا على ما تراه، يدلك عل ما نبهنا عليه، وصحة ما حررناه.
ولا بأس ببيع جوارح الطير، التي تصلح للصيد بها كلها، وأخذ ثمنها، والتكسب بها، بجميع الوجوه.
وقد حث وندب إلى طلب الكسب من الحلال، ما لا يحصى كثرة، قال