وقد قلنا ما عندنا، في السباع وجلودها، وهو أنه يجوز بيعها، لأخذ جلدها، لأن جلود السباع، لا خلاف أنها مع الذكاة الشرعية، يجوز بيعها، وهي طاهرة، وبمجرد الذكاة، يجوز بيع الجلود، بلا خلاف، وبانضمام الدباغ، يصح التصرف فيها، في جميع الأشياء: من لبس، وفرش، ودثار، وخزن المايعات، لأنها طاهرة، إلا الصلاة، فإنها لا تجوز فيها، فحسب، وما عدا الصلاة، فلا بأس بالتصرف فيها وقال شيخنا في مبسوطه: وما لا يؤكل لحمه، مثل الفهد، والنمر، والفيل، وجوارح الطير، مثل البزاة، والصقور، والشواهين، والعقبان، والأرنب، والثعلب، وما أشبه ذلك، وقد ذكرناه في النهاية، فهذا كله، يجوز بيعه، وإن كان مما لا ينتفع به، فلا يجوز بيعه، بلا خلاف، مثل الأسد، والذئب، وسائر الحشرات، من الحيات، و العقارب، والفأر، والخنافس، والجعلان، والحدأة، والنسر، والرخمة، و بغاث الطير، وكذلك الغربان، سواء كان أبقع، أو أسود.
ثم قال رحمه الله: وأما غير الحيوان، فعلى ضربين، أحدهما نجس، والآخر طاهر.
فالنجس على ضربين، نجس العين، ونجس بالمجاورة. فأما نجس العين، فلا يجوز بيعه، كجلود الميتة قبل الدباغ، وبعده، والخمر، والدم، والبول، والعذرة، وسرجين ما لا يؤكل لحمه، ولبن ما لا يؤكل لحمه، من البهائم هذا آخر ما ذكره شيخنا في مبسوطه (1).
قال محمد بن إدريس: والذي ذكره رحمه الله في مبسوطه، رجوع منه عما ذكره في نهايته، لأن في النهاية، حرم بيع جميع السباع، إلا الفهود، والصحيح ما ذكره في مبسوطه، إلا ما استثناه، من الأسد و الذئب، لأنه جعل ذلك، في قسم ما لا ينتفع به، وقد قلنا أنه لا خلاف في الانتفاع بجلد ذلك، بعد الذكاة في البيع، وبانضمام الدباغ في التصرف فيه، بأنواع التصرفات، إلا الصلاة،