وانفصال لانفصال * واستناد لاستناد * وبياض لبياض * وسواد لسواد وبقاء لبقاء * ونفاد لنفاد * واقتراب لاقتراب * وبعاد لبعاد وسرير لاستواء * وسماء لمهاد * وحجاب لبغيض * وتجل لوداد * ومحل قد تهيأ * كل وقت لازدياد * من علوم بأمور * علمها عين الرشاد * وعذاب في نعيم * لمريد ومراد * يقطعان الليل ذكرا * بسجود واجتهاد يسألان الله امنا * يوم اسماع المنادى ولما رجح الله وجود الممكنات على عدمها لطلبها الترجيح من ذاتها كان ذلك انقيادا من الحق لهذا الطلب الإمكاني وامتنانا فإنه تعالى الغني عن العالمين ولكن لما وصف نفسه بأنه يحب أن تعرفه الممكنات بأنه لا يعرف ومن شأن المحب الانقياد للمحبوب فما انقاد في الحقيقة إلا لنفسه والممكن حجاب على هذا الطلب الإلهي الذي طلبه حب العرفان به من نفسه وتبعه ما طلبه الممكن من ترجيح الوجود على عدمه فلما أوجده عرفه إنه ربه فعرفه أنه ربه ما عرف منه غير ذلك ولا يتمكن لغير الله أن يعرف الله من حيث ما يعرف الله نفسه ثم طلبه بالانقياد إليه فيما يأمره به وينهاه عنه فقال الممكن هذا مقام صعب لا أقدر عليه كما إنك يا رب ما يبدل القول لديك ولا يكون عنك إلا ما سبق به علمك فمشيئتك واحدة والاختيار المنسوب إلي منك فالذي تقبله ذاتي من الانقياد إليك أن أكون لك حيث تريد لا حيث تأمر إلا إن وافق أمرك إرادتك فحينئذ أجمع بينهما وأكثر من هذا فما تعطي حقيقتي إذا نسبتها إليك أنت القائل أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار وهو أكرم المكلفين عليك وهذا الحكم منك وعليك يعود فما كان انقيادك إلا إليك وأنا صورة مماثلة للمحجوبين الذين لا يعرفونك معرفتي فيقولون قد أجاب الحق سؤالنا وانقاد إلينا فيما نريده منه وأنت ما أجبت إلا نفسك وما تعلقت به إرادتك فانقيادي أنا لنفسي فإنه لا يتمكن أن أطلبك لك وإنما أطلبك لنفسي فلنفسي كان انقيادي لما دعوتني وجعلت حجابا بيني وبين المحجوبين من خلقك الذين لا يعرفون فقالوا فلان أجاب أمر ربه حين دعاه وما علموا إن الانقياد مني إنما كان لإرادتك لا لأمرك فإنه ما يبدل الحكم لدي فإني ما أقبل غير هذا قبول ذات وفيه سعادتي ثم إنك سبحانك نسبت لي ذلك وأثنيت علي به وأنت تعلم كيف كان الأمر فظهرت بأمر تشهد الحقيقة بخلافه فقلت لا يعصون الله ما أمرهم والحقيقة من خلف هذا الثناء تنادي لا يعصون الله ما أراد منهم وقرن الأمر منه بإرادته فذلك هو الأمر الذي لا يعصيه مخلوق وهو قوله إذا أردناه أن نقول له كن هذا هو الأمر الذي لا يمكن للممكن المأمور به مخالفته لا الأمر بالأفعال والتروك يعرف ذلك العارفون من عبادك ذوقا وشهودا فإن أمرت الفعل المأمور به أن يتكون في هذا العبد المأمور بالفعل تكون فتقول هذا عبد طائع امتثل أمري وما بيده من ذلك شئ فالصمت حكم وقليل فاعله فمن تكلم بالله كانت الحجة له فإن الحجة البالغة لله ومن تكلم بنفسه كان محجوبا كما إن الحق إذا تكلم بعبده كان كلامه ظاهرا بحيث يقتضيه مقام عبده فإذا رد الجواب عليه عبده به لا بنفسه وظهر حكمه على كلام ربه نادى الحق عليه وكان الإنسان أكثر شئ جدلا وإن قال الحق ولكن ما كل حق يحمد ولا كل ما ليس بحق يذم فالأدباء يعرفون المواطن التي يحمد فيها الحق فيأتون به فيها ويعرفون المواطن التي يحمد فيها ما ليس بحق فيأتون به فيها مغالطة جزاء وفاقا إلهيا فمن عرف الانقياد الإلهي والكوني كما قررناه كان من العارفين ولكن فيه أسرار وآداب ينبغي للإنسان إذا تكلم في هذا المقام وأمثاله أن لا يغفل عن دقائقه فإن فيه مكرا خفيا لا يشعر به إلا أهل العناية ومن أراد العصمة من ذلك فلينظر إلى ما شرع الله له وأتى على ألسنة رسله فيمشي معه حيث مشى ويقف عنده حيث وقف من غير مزيد وإن تناقضت الأمور وتصادمت فذلك له لا لك وقل لا أدري هكذا جاء الأمر من عنده وارجع إليه وقل رب زدني علما فهذا قد أبنا عن المقام الأول (وصل) وأما المقام الثاني الذي بيد اسمه المؤمن فإنه نتيجة عن الاسم المؤمن الكياني وهو المظهر له إذا كان بمعنى المصدق لا بمعنى معطي الأمان فإن كان بمعنى معطي الأمان فالإسم الإلهي المؤمن متقدم على المؤمن الكياني فأعطاه الأمان في حال عدمه إنه لا يعدمه إذا أوجده ولا يحول بينه وبين
(٢١٧)