مقتضى الانصاف في المسألة والذي هو الانصاف: أن الأدلة المزبورة قاصرة عن إثبات كون القيد المأخوذ في الأدلة، بلا ملاك، وغير معتبر في مقام الامتثال، وذلك لما مر أخيرا (1) من التعارض بين الروايتين، ومن أن الصيام الشرعي على صنفين:
طائفة منه الصيام المضاف إلى الأزمنة، كصوم رمضان، وشعبان.
وطائفة منه الصيام الموصوف بالأوصاف الخاصة، كصوم الكفارة، والقضاء، وأمثالهما.
حكم أصناف الصيام الشرعية فما كان من قبيل الأخير، فلا بد من القصد للنوع حتى يمكن امتثال أمره.
وما كان من قبيل الأول، فربما يكون نفس الاتيان في ذاك الشهر متقربا إليه تعالى، كافيا في امتثال أمره، لأن أخذ القيد المزبور ليس إلا لأجل إفادة الأمر، كما في الصلوات النفلية، فإنه لا يعتبر في تحقق امتثال الأمر النفلي - بالنسبة إلى الصلوات - قصد النفلية، أو قصد عدم الفرض، أو عدم المغربية والعشائية، بل إذا كان الواقع خلوا عن مطلق القصد، وكان المصلي قاصدا الصلاة، يكفي لامتثال الأمر النفلي، لأن قيد النفل لا مدخلية له في الملاك، كما تحرر سابقا بتفصيل (2).