المكيال يتفاوت ما يسعه من حيث الخفة والثقل، وأما في بيع الموزون بالكيل بمكيال يتفاوت تفاوتا فاحشا ففيه اشكال، وتصحيحه ببناء المتعاملين سيجئ (1) تحقيقه إن شاء الله تعالى.
وإن كان لا بعنوان الطريقية فظاهر المتن الفرق بين المكيل والموزون، فيصح بيع المكيل وزنا، ولا يصح بيع الموزون كيلا، إذ بعد معرفة مقدار المبيع بالوزن لا حاجة إلى ما تعارف فيه من حيث الكشف عن المقدار المعلوم بالوزن، بخلاف الكيل مع فرض عدم كشفه عما تعارف فيه الوزن.
والتحقيق: أن العبرة في صحة البيع بمعرفة مقدار المبيع خفة وثقلا، فإذا فرض أن المكيال لا كشف له عن مقدار المبيع فهو لا يصح البيع فيه كيلا وإن كان مكيلا، فهو نظير الوزن بصخرة مجهولة لا يكشف عن مقدار مخصوص، ففرض عدم كشف المكيال يستدعي أن يكون مقابله عدم كشف ما يوزن به عن المقدار، وأما مع فرض كشف كل من المكيال والصخرة مثلا عن مقدار مخصوص فلا فرق بين تعارف (2) كاشف خاص فيه وعدمه.
ثم إنه هل المعتبر من الكشف عن المقدار هو الكشف التفصيلي، بحيث لا تصح المعاملة في الموزون بما هو المتعارف في البلد إذا لم يعرف أن الحقة أو الرطل بكم مثقال - كما هو صريح المتن -، أو يكفي فيه الكشف الاجمالي عن مقدار عرفا، بحيث يكون منضبطا عندهم، نظرا إلى أنه لا غرر ولا خطر في مثله - كما هو الغالب في معاملات الناس -، فإنه من الواضح أن غالب الناس لا يعرفون أن الحقة تساوي كذا وكذا مثقالا، ولا المثقال يساوي كذا وكذا حبة ومع ذلك يقدمون على المعاملة من دون غرر ولا خطر، وهكذا المكيال في ما تعارف فيه الكيل، فإنه وإن كان أساسه على مساوقته لوزن خاص إلا أن غالب الناس لا يعرفون ذلك، نعم الكيل بالمكيال الغير المتعارف - كملأ القصعة أو اليد والوزن بصخرة خاصة من دون بناء على