دليل آخر.
ومنها: ما نسب إلى كاشف الغطاء (قدس سره) من دلالة شاهد الحال على رضاهم (عليهم السلام) بالاحياء، وطيب نفسهم بعمارة الأرض، وعدم رضاهم (عليهم السلام) ببقائها مخروبة.
وتقريبه: أن نفس تشريع الاحياء بدليله يكشف عن المصلحة في عمارة الأرض، وحيث إنها ملك الإمام (عليه السلام)، والقاعدة تقتضي اعتبار إذنه، فلو لم يكن في الواقع إذن منهم (عليهم السلام) لكان هذا التشريع لتلك المصلحة لغوا، لأن الاستيذان لكل من أراد الاحياء منهم (عليهم السلام) في زمان الحضور - مع عدم بسط يدهم - يوجب عدم عمارة الأرض المحبوبة عندهم، لعدم التمكن من شرطه لكل أحد مع عدم بسط يد المالك، وزمان الغيبة أولى بذلك.
وما يقال من تمكن الاستيذان من نائبه العام، مدفوع بأنه مبني على نيابته عنه (عليه السلام) حتى في أموره الشخصية وأملاكه الخاصة، مع أن المسلم من النيابة كون الفقيه نائبا عنه فيما يرجع إلى أمور المسلمين، التي تكون وظيفة الإمام (عليه السلام) - بما هو رئيس المسلمين - أن يتصدى لها، وليس ما نحن فيه ولا مسألة سهم الإمام (عليه السلام) من هذا القبيل، ولا يخفى أن مجموع هذه الوجوه كافية في الدلالة على الإذن، وإن كان بعضها لا يخلو عن مناقشة.
وأما من يدعي سقوط اعتبار الإذن في ما نحن فيه على خلاف القواعد، فتارة يدعي امتناع اعتباره في زمان الغيبة، نظرا إلى عدم التمكن من الاستيذان منه، مع مشروعية الاحياء مطلقا، مع انضمام ما ذكرنا من عدم نيابة الفقيه عنه (عليه السلام) في مثل هذه الأمور، وهو مبني على عدم استفادة الإذن منهم (عليهم السلام) من الأدلة المزبورة، مع إمكان استفادة صدور الإذن منهم (عليه السلام) مما مر (1) فلا تصل النوبة إلى دعوى الامتناع.
وأخرى يدعي كفاية إذن مالك الملوك في ذلك وإن لم يكن إذن عموما أو خصوصا من مالكها الشرعي، كما في حق المارة، ونظيره في التملك بالاحياء التملك بالالتقاط، فإنه بعد التعريف يتملكه بإذنه تعالى لا بإذن مالكه، ويمكن الاستشهاد له