أيضا حقيقة.
لكنه قد يستفاد من بعض الأصحاب ثبوت التعارض والتكاذب بينهما في تلك الصورة لكنه رجح بينة الجرح على بينة التعديل من حيث كون مستند الأولى قطعيا والثانية ظنيا كما يرجح الرواية المعلوم صدورها عن الامام إما بالسماع أو بغيره على غيرها في صوره التعارض.
وفيه أولا انه لا دليل على الترجيح في المقام بعد فرض التعارض أصلا كما سيجئ مفصلا وقياسه على تعارض الاخبار قياس محض وثانيا سلمنا ثبوت الترجيح في المقام أيضا لكنه إنما يصح إذا قلنا بكون اعتبار الأصل من باب الظن لان الظان بأن فلانا لم يزن مثلا مكذب من يدعي أنه زنى فيرجع إلى التعارض وأما إذا قلنا بكون اعتباره من باب التعبد كما هو الحق فليس هنا تعارض ولا ظن حتى يرجح القطع به لأنك قد عرفت أن العدالة الظاهرية الحاصلة من التعبد (التعديل خ) بالأصل لا يعارض الفسق الواقعي وثالثا سلمنا كون اعتباره من باب الظن أيضا وكون مستند بينة التعديل ظنيا لكن نقول إن هذا القسم من الظن أيضا كالأصل لا يقاوم الدليل الآخر لان كل ما يعتبر من باب الظن ليس مما يقبل المعارضة مع غيره من الأدلة الاجتهادية.
بيان ذلك على سبيل الاجمال ان الامارات المعتبرة من باب الظن على ثلاثة أقسام أحدها ما أخذ في إفادته للظن عدم قيام الدليل على خلافه كما في الاستصحاب والغلبة وأشباههما ولهذا أخذ العضدي في إفادة الاستصحاب للظن عدم قيام الدليل على خلافه ثانيها ما اعتبر في أصل تحقق ذاته وموضوعه عدم قيام الدليل على خلافه كما في عدم الدليل دليل العدم وعدم الوجدان دليل عدم الوجود ثالثها ما لا يعتبر في إفادته الظن ولا في موضوعه عدم قيام الدليل على خلافه ولازم الأولين خصوصا الثاني عدم المعارضة مع ما لم يكن من جنسهما فيكون حكمهما بالنسبة إليه حكم الأصل بالنسبة إلى الدليل وما نحن فيه من قبيل الثاني لان مستند المعدل هو الظن الناشئ من عدم الوجدان مع المعاشرة ومعلوم انه مما لا يمكن أن يعارض الدليل فتبين مما ذكرنا أنه لا فرق في عدم معارضة قول المعدل مع قول الجارح بين أن نقول بكون مستنده ظنا أو أصلا تعبديا نعم لو قيل إن مستند المعدل هو الظن الناشئ عن الملكة لأمكن الفرق بينهما لكنه فاسد جدا لان الملكة بنفسها ليس مما توجب الظن بل إنما توجبه بضميمة أصالة عدم الفسق فتأمل.
نعم هنا إشكال يرد على ما ذكرنا ينبغي التعرض له ولدفعه وهو ان ما ذكرنا من كون الدليل مقدما على الأصل إنما هو إذا لوحظا ووجدا في حق شخص واحد وأما إذا لوحظا في حق شخصين فلا وجه لما ذكر من التقديم فمستند المعدل وإن كان أصلا إلا أنه لا يعقل دفعه بالدليل الموجود عند الجارح هذه بالنسبة إلى المعدل والجارح وأما بالنسبة إلى غيرهما المأمور بتصديقهما فإنما هو مأمور بتصديقهما وترتيب آثار الواقع على خبرهما لأنك قد عرفت أن معنى تصديق العادل في خبره هو ترتيب آثار الواقع على خبره وفرض المخبر به واقعا لا الحكم بتصديق المخبر وعدم تكذيبه حتى لا ينافي في عدم ترتيب آثار الواقع على خبره ومعلوم انه لا يمكن الجمع بين آثار العدالة على قول المعدل فلان عدل وآثار الفسق وعدم العدالة على قول الجارح هو فاسق فهما متكاذبان في حق الحاكم بعد ملاحظة أدلة تصديقهما إذ لا دخل لها بملاحظة مستند المخبر والسلوك على منواله حتى يقال بعدم التنافي بين القولين في المقام بل إنما المفهوم منها هو ترتيب آثار الواقع على اخبار العادل وإن كان مستنده أصلا فمسألة حديث المستند لا دخل لها في المقام فالحاكم بحكم أدلة تصديق المعدل محكوم بالحكم بالعدالة الظاهرية وترتيب الآثار عليها ومعلوم انه لا يجامع كونه محكوما بترتيب آثار الفسق على قول الجارح فيتكذبان و