شيخنا الأستاذ أعلى الله مقامه من أن الوجه في تقديم بينة الجرح على التعديل من جهة قوة الظن في طرف بينة الجرح من جهة الغلبة في أغلب الموارد يكون مستند المعدل الأصل لأنه لا يمكن الاطلاع غالبا على عدم المعصية فإنه لا دليل على اعتبار الغلبة المذكورة بعد ما كان الوجه في التقديم هو استناد بينة التعديل على الأصل نعم يمكن ان يدعى عدم إمكان العلم بعدم المعصية حتى بالنسبة إلى المعاصي الباطنة الخفية فلا أقل من احراز عدم بعض المعاصي بالأصل وهذا يكفى فتأمل هذا مجمل القول فيما ذكره الأستاذ في تلك الصورة دليلا وإيرادا وجوابا.
ولكن للقاصر فيه إشكال قد عرفت الإشارة إليه في طي بعض ما ذكرنا من أن قلت قلت ومحصله ان هذا الكلام كله إنما يصح إذا علم استناد المعدل في نفي المعصية بالأصل كما إذا صرح به وأما إذا لم يعلم ذلك بل كان احتمال استناده إلى الأصل مثل احتمال استناده إلى العلم بعدم المعصية أو العلم بها مع العلم بالتوبة غير ظاهر من اللفظ فلا يصح ما ذكروه في وجه التقديم لأنه لم يعلم استناده إلى الأصل حتى يقال بكون قول المعدل أصلا و قول الجارح دليلا بالنسبة إليه ودعوى كون الاستناد إليه معلوما على كل تقدير وقدرا متيقنا على أي فرض مجازفة بينة لان احتمال الاستناد إلى الأصل مع سائر الاحتمالات ليسا من قبيل الأقل والأكثر بل من قبيل المتباينين كما لا يخفى ومن هنا التجاء شخينا المتقدم ذكره طيب الله رمسه إلى ما ذكره من الغلبة في صورة الاطلاق وفرض ما ذكره القوم من كون مستند المعدل الأصل في صورة التصريح به.
فالأولى أن يقال في وجه تقديم بينة الجرح على التعديل بما عرفت في طي كلماتنا من كون أدلة التصديق بالنسبة إلى بينة الجرح خالية عن المعارض لأنه ليس في المقام إلا بينة التعديل والمفروض انها إنما يعارضها أو يرفعها على تقدير والمفروض الجهل به بخلاف بينة المعدل فإن المعارض لها والمانع عن قبولها وهي بينة الجارح موجود فإن المفروض انها تدعي ما يرفع العدالة الواقعية فلا يمكن اجراء أدلة التصديق بالنسبة إليها.
ثم إن ما ذكرنا في المقام يجري في كل ما علم استناد أحد الشاهدين بالأصل والآخر بالدليل كما في - الشهادة على انحصار الوارث أو عدم الولد أو الطهارة إذا علم استناد الشاهد فيها إلى الأصل إلى غير ذلك فإنه يحكم في جميع الموارد بتقديم قول من يدعي خلاف الأصل من جهة ما ذكر لكن الامر في بعض الموارد أوضح وهو كل مورد كان نفس الشك فيه موجبا لاجراء الأصل من غير احتياج إلى أمر زائد عليه كما في مسألة الشهادة على الطهارة فإنه إذا علم استناد الشاهد فيه إلى الأصل لا ريب في تقديم قول من يدعي النجاسة فإنه لم يحدث من قول الشاهد للمخبر له شئ يعارض قول المخبر بالنجاسة بل يمكن أن يقال إنه لا معنى لاجراء أدلة التصديق في المقام لأن المفروض انه ليس للشاهد مزية على غيره فليس للمخبر له إلا الأصل الذي يجب عليه رفع اليد عنه بمقتضى قول من يخبر بالنجاسة وهذا بخلاف مسألة الشهادة على العدالة والانحصار فإنها محتاجة إلى أمر زائد عن الأصل من احراز ملكة كما في الأول أو فحص كما في الثاني فإنه لا بد فيها من التمسك بما ذكرنا هذه فذلكة الكلام في المقام الأول وقد عرفت ما ينبغي اختياره في هذا المقام مطلبا ودليلا.
وأما المقام الثاني وهو ما لو لم يكن شهادتهما على الجرح والتعديل مطلقتين فالكلام فيه أيضا يقع في مقامين.
أحدهما ما لو لم يرجع شهادتهما بهما إلى التكاذب والتعارض كما لو شهد الجارح بصدور الكبيرة عن زيد