على صورة غير الجزم.
أما الكلام في الموضع الأول فملخصه انه إذا أورد المدعي الدعوى بصورة الجزم فلا يخلو إما أن يكون الحاكم عالما بكونه جازما أو عالما بكونه غير جازم أو شاكا فيهما أما إن كان عالما بجزمه فلا ريب في وجوب السماع عليه وأما إن كان عالما بعدم جزمه فإن علم باتكاله على طريق شرعي مثل اقرار من المدعى عليه أو غيره فلا ريب أيضا في وجوب السماع وإن علم بعدم استناده إلى طريق شرعي فلا إشكال في عدم وجوب السماع وإن جهل الامرين فيلحق بالأخير لعدم دليل على وجوب السماع في ذلك الفرض وأما إن كان شاكا فيهما فيؤخذ بظاهر اللفظ ويحكم بكونه جازما فيجب عليه السماع.
وأما الكلام في الموضع الثاني فيقع في مقامين أحدهما فيما إذا علم الحاكم استناد المدعى في ذلك إلى طريق شرعي كأصل من الأصول أو اقرار أو بينة اطلع عليها إلى غير ذلك ثانيهما فيما لم يعلم ذلك سواء علم عدم استناده إليها أو جهل الأمران.
أما الكلام في المقام الأول فنقول انه لا إشكال في وجوب السماع في تلك الصورة لاجتماع شرايط الحكم وفقد موانعه حيث إنه لما كان المدعى جايزا له أخذ المال شرعا فيمكن الالزام على المدعى عليه حينئذ إذ لا مانع منه أصلا لا عقلا كما في الدعوى المجهولة لفرض تعينها فيما نحن فيه غاية الأمر عدم جزم المدعى بها ولا شرعا لفرض جواز تصرفه في المدعى به كما لا يخفى.
وأما الكلام في المقام الثاني فنقول ان الحكم بوجوب السماع فيه وعدمه مبني على ما ذكرنا في - المسألة السابقة من أن الغاية لوجوب السماع هل هو رجاء ترتب فائدة عليه كاقرار من المدعى عليه أو نحو ذلك أو غايته هو التمكن من إلزام المدعى عليه على المدعى به وإيصاله إلى المدعي فإن قلنا بالأول حسبما عرفت أنه ظاهر جماعة بل المعروف بين متأخري أصحابنا ولهذا استدلوا به على وجوبه في المسألة السابقة فلا بد من القول بوجوبه فيما نحن فيه ووجهه ظاهر وإن قلنا بالثاني حسبما اخترناه على ما عرفته سابقا فلا يحكم بوجوبه في المقام كما لم يحكم بجوبه في المسألة السابقة أيضا ووجه ذلك على تقدير ثبوت الابتناء المذكور هو انتفاء شرط الالزام على المدعى عليه بحكم الشرع وإن لم يحكم العقل بامتناعه حيث إنه بعدما فرض عدم جواز تصرف المدعى في المدعى به بحسب تكليفه الشرعي كيف يجوز شرعا إيصاله إلى المدعى وإلزام المدعى عليه على رفع اليد عنه وتسليمه بالمدعى فالمانع في الفرض وإن لم يكن موجودا عقلا إلا أنه موجود شرعا ومعلوم ان المانع الشرعي كالمانع العقلي في عدم تحقق الممنوع مع فرض وجوده فإذا فرضنا انتفاء جواز الحكم حينئذ ينتفي وجوب السماع لارتفاع وجوب المقدمة برفع وجوب ذيها لقضية التبعية المفروضة (المعروفة خ) وبعبارة أخرى أخصر الحاكم انما وظيفته إلزام المدعى عليه بحق المدعي وإيصاله إليه فإذا لم يجز بحسب الشرع تصرف المدعي فيما يدعيه لعدم علمه بحقيته له ولا له طريق شرعي إليه حسبما هو المفروض كيف يحكم على الحاكم بوجوب السماع الذي هو مقدمة للحكم الذي هو غير واجب في المقام فالحاكم وظيفته الالزام ودفع الخصومة لا غير فلا بد من أن يجوز للمدعي أخذ المدعى به لو فرض تسليم الخصم له والمفروض انتفائه في المقام فينتفي الحكم أيضا.
فإن قلت إذا فرضنا علم الحاكم بوجود البينة للمدعي وفرض عدم علمه بها فهل يحكم بوجوب السماع أم لا فإن قلت إنه يجب عليه السماع حينئذ قلنا لماذا وجب عليه السماع مع عدم جواز التصرف للمدعي بحسب تلكيفه كما هو المفروض وإن قلت إن حكم الحاكم طريق للمدعي فيجوز له التصرف بعد حكمه فمع انه خلاف -