المفروض حيث إنك فرضت كون حكمه تابعا لجواز تصرفه قلنا به فيما لم يكن هناك بينة وفرضنا جواز حكم الحاكم بالنكول وإن قلت إنه لم يجب عليه السماع قلنا كيف لا يجب عليه مع أنه مستلزم لابطال حقه المعلوم.
قلت مرادنا بجواز تصرف المدعي وثبوت حقه هو كونه كذلك بحسب الواقع وإن لم يعلم به بحسب - الظاهر فلا يقاس عليه ما لا يجوز له التصرف في المدعى به أصلا إلا بعد حكم الحاكم المتوقف عليه هذا.
وقد يستدل على اشتراط الجزم في الصيغة بوجهين آخرين أحدهما ما ذكره في مسالك الأفهام من أن كل مورد يسمع فيه الدعوى لا بد من أن يترتب عليها جميع آثارها من يمين المدعي أو القضاء بالنكول وهما غير ممكنين لعدم العلم بأصل الحق وأنت خبير بأن هذا الوجه لو تم فإنما هو فيما لم يكن للمدعي طريق شرعي إلى الحق ثانيهما ما ذكره في مسالك الأفهام أيضا ويستفاد من كلام الماتن أيضا من أن المعهود من الدعوى هو القول الجازم فلا يطابقها (يكفي خ) الظن ونحوه.
وقد يستدل أيضا على الاشتراط بعدم صدق الدعوى بدون الجزم وسيأتي ضعف ذلك إن شاء الله وقد يستدل أيضا ببعض الوجوه الضعيفة الغير الناهضة المذكورة في كتب الأصحاب الواقف عليها من نظر إليها فلا نحتاج إلى ذكرها وذكر ما فيها هذا.
وقد يستدل على عدم الاشتراط ووجوب السماع على الحاكم بما قد عرفت في المسألة السابقة من اطلاق ما دل على الحكم بالحق أو الموازين الشرعية وإن الغاية لوجوب السماع ليس هو التمكن من إلزام الحكم بالمدعى فعلا بل الغاية فيه هو ترتب ثمرة عليه إلى غير ذلك مما عرفت في المسألة السابقة وفيه ما عرفت من منع الاطلاق أو العموم بحيث ينفع للمقام ومن منع كون الغاية ما ذكر بل قد عرفت أن الغاية في وجوب السماع هو ما نفاه.
ثم إنه لا فرق فيما ذكرنا من جوب السماع فيما كان هناك طريق شرعي للمدعى وعدمه فيما لم يكن بين موارد التهمة وعدمه (وغيرها خ) ولا بين ما يعسر الاطلاع عليه وعدمه (وغيره خ) والمراد بموارد التهمة ما كان هناك امارة تفيد الظن نوعا على ثبوت المدعى.
وقد فصل بعض مشايخنا في المقام بين موارد التهمة وغيرها فحكم بوجوب السماع وعدم الاشتراط في الأول وبعدم جوبه والاشتراط في الثاني حيث قال بعد جملة كلام له في المقام ما هذا لفظه والتحقيق الرجوع إلى العرف في صدق الدعوى المقبولة وعدمه ولا ريب في قبولها عرفا في مقام التهمة بجميع أفرادها ثم أيد ذلك بما ورد من النصوص في تحليف الأمين مع التهمة وهي كثيرة منها خبر بكر بن حبيب قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أعطيت جبة إلى القصار فذهبت بزعمه قال إن اتهمته فاستحلفه وإن لم تتهمه فليس عليه شئ منها أيضا خبره عنه (عليه السلام) لا يضمن القصار إلا ما جنت يداه وإن اتهمته أحلفته منها خبر أبي بصير عنه (عليه السلام) أيضا لا يضمن الصايغ ولا القصار ولا الحائك إلا أن يكونوا متهمين فيخوف بالبينة ويستحلف لعله يستخرج منه شيئا ثم قال بعد كلام له بل قد يؤيده أيضا عمومات الامر بالحكم كتابا وسنة في جميع أفراد المنازعة والمشاجرة التي لا ريب في أن ذلك من أفرادها إلى آخر ما ذكره.
وأنت خبير بضعف ما ذكره قدس سره من المؤيد والمؤيد أما المؤيد بالفتح فلانا ما فهمنا معنى قوله رحمه الله والتحقيق إلى آخره فإن أريد من ذلك تشخيص موضوع الدعوى بالعرف ليتمسك بعده بالعمومات ففيه أولا