البينتين بالتعارض فينتقل الميزان إلى اليمين حسبما هو الوجه لما قد عرفت وإن حلفا أو نكلا فالمتعين هو القرعة لما قد دل عليها من الاخبار فحينئذ إن قلنا بأنها بنفسها فاصلة وميزان للقضاء من دون الاحتياج إلى انضمام اليمين كما في البينة واليمين حسبما هو قضية كلام بعض فلا إشكال وإن قلنا بأن القضاء بها يتوقف على حلف من خرج باسمه القرعة من حيث صيرورته بالقرعة منكرا من جهة موافقة قوله للأصل المعتبر شرعا وهي القرعة كما عليه المشهور حسبما حكاه جماعة فإن حلف فلا إشكال أيضا وإن نكل فهل يترتب عليه جميع أحكام المنكر من القضاء بالنكول في نفسه أو بعد الرد فإن حلف المردود إليه فهو وإلا فيقضى عليه أو لا يترتب عليه ذلك بل إنما يكون حكمه حكم المنكر في مجرد توجه اليمين فكأن القرعة تعين من يحلف من المدعيين فيرجع بعد نكول من خرج باسمه القرعة إلى التنصيف فيكون على هذا للقضاء في الفرض موازين أربعة مترتبة لا يرجع إلى كل لاحق إلا بعد تعذر سابقه حسبما هو قضية الترتيب بين الشيئين وجهان أوجههما عند الأستاذ العلامة ثانيهما فلعله يأتي التكلم فيه بعد هذا إن شاء الله.
فإن قلت بعد البناء على الافتقار إلى انضمام اليمين في القضاء بالقرعة فما وجه الرجوع إلى أدلة الموازين (اليمين خ) ثم إلى أدلة القرعة بعد حلفهما أو نكولهما فليرجع إلى أدلة القرعة من أول الأمر ويتعين الحالف من المدعيين بعد إقامتهما البينة حسبما هو مورد البحث بالقرعة ثم الحكم بها بعد الحلف.
قلت لا وجه للرجوع إلى القرعة من أول الأمر أما الأخبار الخاصة فلاختصاصها بصورة تعذر القضاء باليمين والبينة وأما الأخبار العامة الدالة على أن القرعة لكل أمر مشكل بناء على تعميمها بالنسبة إلا ما كان مشكلا واقعا وظاهرا حسبما عليه المشهور حتى تشمل المقام أيضا فلانها إنما هي فيما إذا دار الامر بين الاخذ بأحد الطرفين كما في تزاحم الحقين المعلوم وجوب مراعاتها بقدر الامكان ولو بالأخذ بأحدهما.
وأما فيما إذا لم يكن الامر دايرا بينهما كما في تعارض مطلق الأمارات الشرعية حيث إن مقتضى الأصل الأولي فيه تساقط المتعارضين فيه من حيث جواز العمل بكل منهما فلا معنى للرجوع إليها فإن شئت قلت إن ما دل على وجوب الرجوع إلى اليمين يرفع الاشكال الذي يجري من جهته أدلة القرعة هذا كله مضافا إلى أنه لو بنى على تعيين الحالف منهما بالقرعة بعد إقامتهما البينة من جهة العمومات فليبن على تعيين من يقيم البينة منهما لأجل العلة المذكورة.
فإن قلت إن أدلة القضاء باليمين لا تجري قبل تعين من يحلف من جهة عدم التأثير في حلفهما ونكولهما قلنا بمثله بالنسبة إلى عمومات العمل بالبينة فإن العمل بالبينتين أيضا غير ممكن هذا.
ثم إنه ذكر الأستاذ العلامة بعدما عرفته انه يمكن الخدشة فيما ذكرنا توضيحها ان ما ذكرنا من كون الميزان بعد كون الأصل عدم ترجيح أو فرض عدم وجوده الرجوع إلى اليمين ثم إلى الحلف ثم إلى القرعة ثم إلى التنصيف كان مبنيا حسبما عرفت على مقدمات إحديها تعذر الفصل بالبينة في الفرض ثانيتها ان كلما تعذر الفصل بالبينة يجب الرجوع فيه إلى اليمين إن أمكن من جهة أحد الوجوه المتقدمة ثالثتها إمكان القضاء باليمين فإن اجراء أدلتها موقوف عليه قطعا.
ولنا أن نتكلم على كل منها إما على الأول فبأنا نمنع تعذر القضاء بالبينة لامكان القضاء بها على جهة التنصيف ليكون جميعا بينهما في العمل فإنه وان استلزم طرح العلم الاجمالي بكون تمام العين لأحدهما في بعض المقامات أو أدلة العمل بالبينة في الجملة إلا أنه فصل بين المتخاصمين ورفع ليد كل منهما عما يدعيه