القول فيه بحيث ترتفع غواشي الأوهام عن وجه المرام يقتضي ذكر جملة منها حتى يعلم ببركتها ان مقتضى التحقيق هل هو ما ذهب إليه المشهور من الرجوع إلى القرعة مطلقا بعد الترجيح في الجملة أو ما ذهب إليه الشيخ رحمه الله من الرجوع إلى القرعة في صورة الشهادة على الملك المطلق وإلى التنصيف في صورة شهادة الشاهدين على الملك المقيد والحكم بمقتضى المقيد في صورة اختلافهما اطلاقا وتقييدا.
فيقع الكلام في مقامين أحدهما في أن مقتضى الاخبار بعد فرض عدم وجود الترجيح في صورة تعارض البينتين هل هو الرجوع إلى القرعة مع الحلف أو مطلقا أو الرجوع إلى التنصيف بعد الحلف أو مطلقا أو يختلف مقتضاها بالنسبة إلى الموارد ففي بعض الموارد تقتضي الأول وفي بعضها تقتضي الثاني ثانيهما في أن مقتضاها هل الترجيح بما يوجد مع إحدى البينتين من المزايا في الجملة أو مطلقا حتى يخرج بها عن مقتضى الأصل الأولي أو لا يكون مقتضاها ذلك الذي كان هو المقام الثاني من المقامات الثلاثة.
أما الكلام في المقام الأول فنقول ان الأخبار الواردة في الرجوع إلى القرعة فكثيرة كما أن الأخبار الدالة على التنصيف في صورة تعارض البينتين أيضا كثيرة وكل منهما على قسمين أحدهما الدالة على الرجوع إلى القرعة أو التنصيف مطلقا والثاني الدالة على الرجوع إليها أو إلى التنصيف بعد الحلف فالأخبار الواردة بأسرها بين أربعة طوايف لكن بعد حمل مطلقاتها على مقيداتها ينحصر التكلم في صنفين أحدهما ما دل على الرجوع إلى القرعة مع انضمام اليمين ثانيهما ما دل على التنصيف بعد الحلف من كل منهما فنحن نذكر أولا الأخبار الواردة في الارجاع إلى القرعة ثم نذكر الأخبار الواردة الدالة على التنصيف ثم نعقبه بذكر العلاج بينهما.
أما الأخبار الواردة في حكم القرعة فقد عرفت انها كثيرة جدا فمنها ما في خبر بصرى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال كان علي (عليه السلام) إذا أتاه رجلان يختصمان بشهود عدلهم سواء وعددهم سواء أقرع بينهم على أيهم يصير اليمين قال وكان يقول اللهم رب السماوات السبع أيهم كان الحق له فاده إليه ثم يجعل الحق للذي يصير عليه اليمين إذا حلف.
ومنها ما في صحيح داود عن أبي عبد الله (عليه السلام) في شاهدين شهدا على أمر واحد وجاء آخران فشهدا على غير الذي شهد الأولان عليه واختلفوا قال يقرع بينهم فأيهم قرع عليه فعليه اليمين وهو أولى بالقضاء له ونحوه الصحيح الآخر عنه أيضا غير أنه قال في ذيله أولى بالحق بدل أولى بالقضاء.
ومنها ما في موثقة سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) ان رجلين اختصما إلى علي (عليه السلام) في دابة فزعم كل واحد منها انها نتجت على مذوده وأقام كل واحد منهما بينة سواء في العدد فأقرع بينهم سهمين فعلم السهمين كل واحد منهما بعلامة ثم قال اللهم رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ورب العرش العظيم عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم أيهما كان صاحب الدابة وهو أولى فأسئلك أن يخرج سهمه فخرج سهم أحدهما فيقضى له بها ونحوه خبر عبد الله بن سنان إلا أنه قال في آخره فأسئلك ان يقرع ويخرج اسمه فخرج اسم أحدهما فيقضى له بها إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في بيان القرعة وبعد حمل المطلق منها كما في الخبرين الآخرين على مقيدها كما في الثلاثة الأولية يصير المحصل عنها ان الميزان بعد تعارض البينتين هي القرعة مع حلف من خرجت باسمه هذا.
وأما ما ورد في كون الميزان هو التنصيف بعد التحالف أو مطلقا فجملة من الروايات منها ما تقدم في رواية اسحق عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حكاية قضاء أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أن قال فقيل فلو لم يكن في يد واحد منهما و أقاما البينة قال أحلفهما فأيهما حلف ونكل الآخر جعلتها للحالف فإن حلفا جميعا جعلتها بينهما نصفين الخبر