يكون المناط في اعتبارهما هو الطريقية وغلبة الايصال إلى الواقع يكون مقتضى الأصل الأولي فيه هو التوقف لا الجمع وقد عرفت سابقا ان الوجه في اعتبار جميع الموازين هو كشفها عن الواقع نوعا وغلبة ايصالها إلى الواقع نعم لو بنى على أن الوجه في اعتبار البينة مجرد السببية والتعبد لأمكن المصير إلى الثاني لكنك قد عرفت أن بناء الأستاذ العلامة على خلافه.
وأما رابعا فلان التمسك بأخبار التنصيف مما لا وجه له بعدما قد عرفت سابقا من البناء على طرحها من جهة ترجيح أخبار القرعة عليها سندا وعملا واعتضادا بالعمومات فتأمل فالحق إذا هو ايقاف الدعوى لعدم الميزان له لا التنصيف الذي جعله مرتبة رابعة وأما استلزام الايقاف لابطال الحقوق فلا ضير فيه بعد عدم الميزان واقدام ذي الحق عليه بعدم الحلف هذا.
ثم إنه دام ظله ذكر ان ما ذكرنا من كون مقتضى القاعدة التنصيف إنما هو في صورة وجود البينة لكل من المدعيين وأما لو تداعيا ولم يقيما بينة فإن كان هناك علم إجمالي بعدم خروج العين عن بينهما أو أقر الثالث بأنها لأحدهما على سبيل الترديد ونكلا عن الحلف فالحكم بالنظر إلى القاعدة هو التنصيف أيضا لان نكول كل منهما موجب لسقوط اختصاصه من العين لا أصل الاستحقاق فإن ضم إليه حلف صاحبه فيأخذها بتمامها وإلا فيأخذ كل منهما نصفها لقضية النكولين السببين لسقوط الاستحقاق من بعض العين وأيضا الحكم بالايقاف في الفرض موجب لابطال الحق قطعا فلا معنى للحكم به وأما القرعة فهي وان يقتضيها القاعدة إلا أن الحكم بها لعدم العامل بها في غاية الاشكال وإن لم يكن هناك علم إجمالي ولا إقرار من الثالث بكون العين لأحدهما على سبيل الترديد فالذي يقتضيه النظر الدقيق هو الحكم بالايقاف لا التنصيف لعدم الموجب له حتى النكول مع كل منهما لعدم توجه الحلف إليهما حتى يثمر نكولهما إذ ليس هناك مرافعة وخصومة حقيقة ولا القرعة لعدم انحصار الحق فيهما فيقر في يد الثالث حتى يوجد من يأخذها بطريق شرعي هذا ملخص ما ذكره دام ظله العالي وهو غير نقي عن الاشكال.
أما أولا فلانه لا وجه للحكم بالتنصيف في الصورة الأولى مع عدم ما يقتضيه وأما ما ذكره من سببية نكول كل منهما في ذلك فلم يعلم له وجه لأنه إن بنى على القضاء بالنكول في الفرض فليقض به بمجرد نكول الأول وإن لم يبن عليه كما هو قضية صريح كلامه دام ظله فلا معنى لتأثيره أصلا إلا في عدم الحكم للناكل لكن لا بالنسبة إلى بعض العين بل بالنسبة إلى تمامها فنكول كل منهما موجب لسقوط حقه عن العين بالتمام وأما استلزام الايقاف لابطال الحق فقد عرفت ما فيه فالحق إذا الحكم بالقرعة إن كان هناك من عمل بها وإلا فالايقاف.
وأما ثانيا فلان الفرق بين الصورتين مما لم نجد له وجها لان في الصورة الثانية إن بنى على تعارض الدعويين فيها فيوجد هناك خصومة بين المدعيين فلا بد من رفعها باليمين بعد تعذر رفعها بالبينة وإن بنى على عدمه فالدعوى من كل منهما سبب للقضاء له لكونها دعوى لا معارض لها فإذا اجتمعتا كما في الفرض فتصيرا بمنزلة السبب الواحد للحكم بالتمام فيقضى بالتنصيف بينهما فتأمل ولأجل ما ذكر سوى جماعة بين الصورتين في الحكم منهم العلامة في محكي القواعد والتذكرة والتحرير قال في محكي القواعد لو قال ليست لي أو لا أعرف صاحبها أو هي لأحدكما ولا أعرف عينه أقرع بينهما لتساويهما في الدعوى وعدم البينة انتهى وعن التحرير فمن خرجت باسمه حلف وكانت له وإن نكل حلف الآخر وإن نكلا قسمت بينهما انتهى كلامه وتفصيل القول في المسألة وتحقيقه قد تقدم فيما سبق فراجع إليه حتى تطلع على حقيقة الحال والله العالم بالحقايق وهو المطلع على السرائر.