أما الصورة الأولى فقد حكموا فيها من غير نقل خلاف حسبما حكى الأستاذ العلامة انه لو ادعى المدعى عليه ان له بينة على الجرح يقف الحكم ان داعى حضورها ويمهل ثلاثا أو أقل إن ادعى غيبتها وأما في الصورتين الأخيرتين فالمشهور بينهم عدم سماع دعوى البينة فيهما وإيقاف الحكم بل يحكم مراعى بعدم قيام البينة على الخلاف كما في القضاء على الغائب.
فبالحري أن نبين ما هو مقتضى القاعدة الأولية في جميع الصور ثم نتكلم في وجود المخرج عنها بالنسبة إلى كلها أو بعضها.
فنقول قد يقال إن مقتضى الأصل الأولي هو عدم وجوب الفحص في المقام لأنه من الشبهة الموضوعية ومن المعلوم المقرر في محله ان اجراء الأصل فيها لا يتوقف على الفحص كما في الشبهة الحكمية من غير فرق فيما ذكر بين الصور الثلاث ولا بين صور الحضور والغيبة.
وقد يقال إن مقتضى الأصل الأولي في جميع الصور هو عدم وجوب الفحص في صورة الغيبة لا في صورة الحضور فإن البناء على اجراء الأصل فيها من دون فحص موجب للوقوع في مخالفة الواقع كثيرا فيجب الفحص عن الموارد كما هو الشأن في كثير من الموضوعات كما في الضرر والشك في بلوغ المال بقدر الاستطاعة أو نصاب الزكاة إلى غير ذلك فإن أمثال هذه الموضوعات نظير الاحكام يلزم من اجراء الأصل فيها من دون فحص مخالفة كثيرة فيجب الفحص فيها كما هو أحد الأدلة على وجوب الفحص من الدليل في اجراء الأصل في الأحكام الشرعية الكلية وهذا بخلاف صورة غيبة البينة فإنه لا يلزم من الرجوع إلى الأصل فيها المحذور اللازم في صورة دعوى حضورها هذا.
ولكنك خبير بأن الفرق من الجهة المذكورة بين الصورتين لا يخلو عن تأمل لا تأمل في وجهه أصلا لكل من تأمل فيه هنيئة فالحق في التقرير هو التقرير الأول لما قد عرفت مضافا إلى اطلاق ما دل على القضاء بالميزان المفروض وجوده وسلامته عن المعارض ولو بالأصل فتأمل.
وبالجملة فمقتضى الأصل الأولي بالنظر إلى ما ذكرنا في جميع الصور هو عدم الانتظار والايقاف إلا أن الظاهر من جماعة الفرق بين الحضور والغيبة كما أن الظاهر من الأصحاب بل المحكي عليه الاجماع هو الحكم بالانتظار في الجملة في صورة الغيبة في دعوى الجرح وإن اختلفوا في غيرها فذهب الأكثر.
فيه إلى عدم وجوب.
وقال الأستاذ العلامة ان قضية التحقيق مع قطع النظر عن مقتضى الأصل الأولي هو التفصيل في صورة دعوى وجود البينة بين الحضور والغيبة في القسمين الآخرين كما أن قضيته التفصيل في صورة الغيبة بين دعوى الجرح وغيرها ففي صورة دعوى الحضور يمهل في جميع الأقسام الثلاثة وفي صورة دعوى الغيبة يمهل في الجملة في دعوى الجرح ولا يمهل في القسمين الأخيرين فلنا في المقام دعويان.
لنا على أوليهما وجوه من الأدلة أحدها ان مقتضى تعلق حق المدعي هو وجوب الامهال في صورة دعوى وجود البينة الحاضرة وإلا لزم تفويت حقه من دون موجب له لأن المفروض عدم ايجابه تفويت حق من أقام البينة وهذه بخلاف صورة الغيبة فإن مراعاة حق مدعي وجود البينة فيها معارض بمراعاة حق من أقام البينة على دعواه ثانيها ان مقتضى نصب الحاكم للقضاء بين الناس والنظر في أمورهم هو وجوب التأمل في أمر المرافعة ما لم يوجب تفويت حق من أحد المترافعين ثالثها ان بناء العرف بل سيرة المتشرعة بل سيرة المترافعين