وبعبارة أخرى التداعي في الصورة ينحل إلى دعويين وانكارين فكل منهما مدع بالنسبة إلى شئ و منكر بالنسبة إلى شئ آخر فلا بد حينئذ من يمينين حتى يتم الحكم بالتنصيف وهذا بخلاف المقام فإن المفروض ان بعد التحالف لا يحكم بشئ وإنما يرجع إلى ميزان آخر فيلزمه إلغاء حلف كل منهما وهو ما عرفت من كونه غير معهود من طريقة الشارع.
وبعبارة أخرى مطالبة الحلف منهما إن كانت من جهة القضاء باليمين من كل منهما فالمفروض في المقام عدم الالتزام به ورفع اليد عنهما وإن كانت من جهة تحصيل الميزان ولو في بعض الصور وهو ما لو حلف أحدهما ونكل الآخر كما في مطالبة البينة منهما حيث إن المفروض انتقال الميزان إلى غيرها في صورة التعارض ففيه انه إنما هو بعد نفع اليمين في حق الناكل وتوجهها إليه شرعا لان النكول إنما يثمر فيما إذا توجهت اليمين شرعا إلى الناكل ولا يمكن القول بتوجهها إليهما من حيث استلزامه طرح اليمينين وهذا لغو صرف لا يصدر من الحكيم تعالى وهذا بخلاف البينة فإن اقامتها ليست مشروطة بإذن الحاكم وفي صورة اذنه بأن يقول إن من كان له بينة فليقمها إن شاء لان يعلم بوجود البينة لكل منهما.
نعم لو قيل بأن اليمين كالبينة في الفرض من حيث كونها قائمة مقامها فلا يحتاج إلى أمر من الحاكم و إنما المحتاج إليه اليمين من المنكر التي هي حق للمدعي أمكن القول بتساويهما وكون اجراء دليل إحديهما في الفرض مثل اجراء دليل الأخرى لكنه اثباته لا يخلو عن إشكال.
هذا ملخص ما ذكره في بيان وجه منع المقدمة الثالثة ولكنك خبير بأنه لا يخلو عن شوب إشكال ولا يعرى عن ثوب إجمال لان الفرق بين اليمين والبينة من جهة ما ذكره في غاية الاشكال والله العالم بحقيقة الحال فتبين من جميع ما ذكرنا أن مقتضى الأصل الأولي بعد تعذر القضاء بالبينة هو الرجوع إلى القرعة من غير الانتقال إلى اليمين حسبما عليه المشهور المدلول عليه بطايفة من الروايات التي ستمر بك فيتحد مقتضى الأصل الأولي والأصل الثانوي المدلول عليه بالروايات.
نعم يبقى الكلام على تقديره في مقامين أحدهما في أن ما ذكرنا من كون المرجع هو القرعة هل هو جار في جميع الصور أو مختصر بما لم يرضيا بحلف أحدهما وإلا فالميزان هو نفس القرعة وجهان إلا وجه هو الثاني لان اعتبار القرعة بعد وقوع التراضي على الوجه المذكور مما يلغو بناء على ما سيجئ من اعتبار الحلف بعدها فإنها لا تخلو إما أن تخرج باسم من تراضيا على حلفه أو على اسم صاحبه فإن خرجت باسم الأول فلا تأثير لها وإن خرجت باسم الثاني فينتقل اليمين إلى الأول أيضا من جهة رضائه بحلفه المنزل منزلة رده الحلف إليه أو نكوله اللهم إلا أن يقال بوجود الثمرة على تقدير خروج القرعة باسم الأول بين الاخراج (الاقراع خ) ومجرد الرضاء من صاحبه لعدم جواز رفع اليد عن مقتضى القرعة بخلاف الثاني فإنه يجوز رفع اليد عنه إذ لا دليل على لزومه بمجرد تحققه.
ثانيهما في أنه هل يحتاج القضاء بالقرعة إلى انضمان اليمين ممن خرجت باسمه أم لا وجهان أوجههما عند بعض الأصحاب الثاني ولكن الذي عليه الجمهور المحكي عليه الشهرة في كلام جماعة هو الأول ولا يبعد أن يكون هذا هو الأقرب إلى الصواب حسبما سيعلم إن شاء الله هذا كله بالنظر إلى الأصل الأولي الذي يرجع حاصله إلى أن مقتضى الأصل عدم الترجيح كما أن مقتضاه الرجوع إلى القرعة بعد تعذر القضاء والفصل بالبينة.
وأما بالنظر إلى الأصل الثانوي المستفاد من الاخبار المروية من الأئمة الأطهار عليهم السلام فتحقيق