التلقي من البطن الأول لأنه لازم ما فرضنا من حصول الملك المطلق للبطن الأول فالبطن الثاني يتلقون الملك منه وإن كان للواقف أيضا مدخلية فيه حيث إنه لو لم يكن تخليده الأصل لانتقل إلى وارث البطن الأول وبهذا الاعتبار يفرق هذا المعنى عن الإرث وإن كان بينهما غاية المناسبة والمشابهة فتأمل.
ومنه يعلم أيضا ان ما ذكروه في الوقف المنقطع الآخر عن عوده إرثا إلى وارثة الواقف يكون مسامحة بناء على هذا المعنى وإن لم يكن مسامحة بناء على المعنى المذكور سابقا ببعض تقديره لأنه لا معنى لاطلاق العود حقيقة بعد فرض حصول الملك المطلق للبطن الأول.
ثم إن إلى هذا المعنى نظر من مال أو حكم بصحة إجارة الوقف في الفرض معللا بكون التلقي من البطن الأول مع اتفاقهم حسبما حكاه الأستاذ على عدم كون التلقي في المقام من قبيل تلقي الإرث لعدم منافاة الإجازة على هذا التقدير لتخليد الأصل وتسبيل المنفعة لأنها تعود إلى البطن الثاني على كل تقدير فلا مانع من صحتها وإن كان فيه نظر من جهة أن تسبيل الواقف المنفعة على كل بطن يقتضي عدم تسلط البطن الأول على التصرف في المنفعة كما لا يكونون مسلطين على التصرف في العين لان تسلطهم على التصرف في المنفعة ينافي تسلط البطن الثاني عليه المقرر بجعل الواقف فلا يحكم بصحة إجارة البطن الأول إلا في صورة إجازة - البطن الثاني لكنها خارجة عن الفرض لان الكلام في الصحة منجزا ومن جهة الوجهين تردد المصنف في - الصحة في باب الإجارة.
هذه خلاصة ما ذكره الأستاذ العلامة في دفع ما أورده على القوم من الاشكال والتنافي بين كلماتهم وأنت خبير بأن ما ذكره لا يدفع جميع الاشكالات عن كلام جميعهم.
إما انه لا يدفع جميع الاشكالات فلان غاية ما يدفعه هو التنافي بين ما ذكروه في باب الإجارة والمقام واما بين ما ذكروه في المقام من الخلاف في تعيين من يتلقى منه البطن الثاني وبين ما اجمعوا عليه في باب الوقف من عدم الاحتياج إلى قبض البطن الثاني نظرا إلى تلقيهم من البطن الأول فلا كما لا يخفى لان ما ذكره الأستاذ من الوجهين للتلقي من البطن الأول وإن كان مقتضيا كما لا يخفى لعدم الاحتياج إلى قبض البطن الثاني إلا أن اتفاق كلمتهم على التعليل به في باب القبض ينافي اختلافهم فيه في المقام إلا أن يدعى عدم وجود التعليل المذكور في كلام جميعهم وصحة ما حكموا به من عدم الاحتياج إلى القبض بالنسبة إلى البطن الثاني على القول بالتلقي من المالك لكنه خلاف ما حكى عنه الأستاذ العلامة من التعليل به فتأمل.
واما انه لا يدفع عن كلام جميعهم فلانه قد صرح في المسالك بأنه على القول بتلقي البطن الثاني من الواقف أيضا نقول بعدم الاحتياج إلى اليمين من جهة قيامهم مقام البطن الأول حسبما عرفت مما نقلنا منه وستعرف من كلامه الذي ننقله فيما بعد فإنه كما ترى ينافي بظاهره ما أدعاه الأستاذ العلامة من قيام الاجماع ظاهرا على عدم كون التلقي من البطن الأول بمعنى القيام مقامهم كما في الإرث على القول به فضلا عن وجود قايل به على القول بعدمه هذا ولكن يمكن انه يقال بعدم كون مراد صاحب المسالك من القيام ما ادعى الأستاذ العلامة الاجماع على نفيه في المقام واختصاصه بالإرث فتأمل.
إذا عرفت ما قدمنا لك من القول فلنتكلم على ما ذكره في المسالك وغيره من البناء فيقع الكلام تارة على القول بالتلقي من الواقف وأخرى على القول بالتلقي من الموقوف عليه فنقول الظاهر أنه لو قلنا بان البطن الثاني يتلقون الملك من الواقف كان الحكم بثبوت الوقف لهم محتاجا إلى اليمين ولا يكفي فيه ثبوته في