القرعة لو قلنا بجريانها فيما لم يكن هناك تميز واقعي أصلا بل كان مشكلا واقعا وظاهرا حسبما هو المختار فإنها موجبة للتعيين في الفرض ومحدثة له لا انها كاشفة عن كون ما تعلقت به هو المعين واقعا كما في صورة ما كان مشكلا ظاهرا وفي نظرنا دون الواقع لاستحالة الكشف في الفرض فهي محدثة للتعيين بجعل الجاعل فلا واقع لها إلا بالجعل كما في القسمة.
ومما ذكرنا كله يظهر انه لا دخل لمفهوم القسمة بمفهوم البيع مضافا إلى عدم الخلاف بيننا في عدم كونها بيعا فلا حاجة إلى الوجوه التي ذكرها في المسالك لعدم كونها بيعا والتعرض لما أجابوا به عنها والقدح فيه لان من تأمل فيما ذكرنا في مفهوم القسمة يعلم علما وجدانيا بحيث لا يعرضه شك بأنه لا دخل لها بالبيع.
وكذا يظهر مما ذكرنا أنه لا دخل لها بمطلق المعاوضة والمبادلة وليست من أفرادها حسبما يظهر عن جماعة منهم ثاني الشهيدين في المسالك حيث قال بعد كلام له في رد الأجوبة التي أجابوا بها عما تمسكوا به لعدم كونها بيعا بما هذا لفظه فالقسمة افراز ما كان له منه ومعاوضته على ما كان لصاحبه انتهى ما أردنا نقله لعدم أخذ عنوان العوضية فيها حسبما عرفت من مفهومها.
واستدل على كونها معاوضة بأن المفروض قبل القسمة كون كل جزء فرض من المال مشتركا بين الشريكين فصيرورة البعض المعين من المال المشترك بعد القسمة لاحد الشريكين وبعضه الآخر المعين للشريك الآخر لا يمكن إلا بصيرورة كل ما يستحقه أحدهما في نصيب صاحبه بمقتضى الشركة في مقابلة ما يستحقه صاحبه في نصيبه ولا نعني بالمعاوضة المطلقة إلا هذا هذا ملخص ما ذكروه في وجه كونها معاوضة مستقلة.
ولكنك خبير بفساده لأنك قد عرفت أن حقيقة القسمة ليست إلا تمييز أحد النصيبين وافرازه عن الآخر وإزالة الشركة عن بين الشريكين ولا دخل لهذا بحديث المعاوضة ولا ربط له بحكاية المبادلة لان في المعاوضة يشترط أن يكون نقل أحد العوضين بإزاء العوض الآخر وفي مقابله ومن المعلوم ضرورة ان في القسمة لا يلاحظ ذلك نعم لازمها عقلا حدوث نقلين مستقلين بالنسبة إلى كل من نصيب الشريكين لا أن يكون المقصود منها نقل بإزاء نقل كما هو المأخوذ في مفهوم المعاوضة فهي ليست إن شاء نقل أيضا وإنما النقل من لوازم إزالة - الشركة ونظير هذا ما ذكرنا في باب الصلح حيث اختلفوا في أنه بيع مطلقا أو معاوضة مستقلة أو تابع للموارد ففي صلح العين بيع وفي صلح المنفعة إجارة وهكذا من أن الصلح بحسب المفهوم الذي يعبر عنه بالفارسية سازش لا دخل له بأحد هذه المذكورات.
ثم إن الثمرة بين كون القسمة بيعا أو معاوضة مستقلة أو مجرد تفريق الحق وتمييزه من دون أن يكون شيئا منها إنما تظهر في مسألة الرباء وغيرها فعلى القول بكونها بيعا يجري فيها حكم الرباء قطعا وأما على القول بكونها معاوضة مستقلة فهل يجري فيها حكم الرباء أم لا وجهان بل قولان ظاهر الأكثرين حسبما في آيات الاحكام للمقدس الأردبيلي نعم وهو الأقوى لاطلاق الأدلة بل ظاهر جماعة جريان حكم الرباء في كل ما كان فيه معنى العوضية وإن لم يكن معاوضة متعارفة قال المصنف في باب الغصب في مسألة الضمان بالقيمة بعد ما لم يكن هناك ما كان مساويا للمضمون في الوزن بما هذا لفظه وإن كان أحدهما أكثر قوم بغير جنسه ليسلم من - الرباء ولا يظن أن الرباء يختص بالبيع بل هو ثابت في كل معاوضة على ربويين متفقي الجنس انتهى كلامه ووافقه على ذلك جماعة من الأصحاب وذكر أيضا في باب الوصية ما هو صريح في عدم اختصاص الربا بالبيع حيث قال الثالثة إذا باع كرا من طعام قيمته ستة دنانير وليس له سواه بكر ردئ قيمته ثلاثة فالمحاباة هنا بنصف تركته